وب (من): العارض المشخّص لذى العلم؛ كقولنا: من فى الدار؟
ــ
" هل" البسيطة" وهل" المركبة، لأن طلب وجود الشئ مسبوق بالعلم بماهية ذلك الشئ تقول: ما الحركة؟ فإذا
عرفت مدلولها لغة، تقول: هل هى موجودة؟ فإذا عرفت أنها موجودة تقول: ما هى؟ أى: ما ماهيتها؟ فإذا عرفتها تقول: أهى دائمة؟ لأن الاستفهام عن وجود الشئ لا يشترط أن يكون مسبوقا بالعلم بماهية ذلك الشئ، وأما العلم بدوام ذلك الشئ فإنه يستدعى العلم بحقيقته، كذا قالوه، ولا يخلو عن نظر؛ فإنه إن كان السؤال عن الدوام يستدعى سبق علم الماهية فالسؤال عن الوجود كذلك.
[(من) للاستفهام للعارض المشخص]
ص:(وبمن عن العارض المشخص لذى العلم كقولنا: من فى الدار).
(ش) من ألفاظ الاستفهام عن التصور" من" فإن قلت: إذا كانت" من" لا يسأل بها إلا عن التصور فكيف حصل الجواب عن قول عيسى عليه مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ (١) وهو طلب تصور كما زعموا بالتصديق، وهو قول الحواريين: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ «١» قلت:
أجاب الوالد - رحمه الله - فى بعض تعاليقه عن ذلك بأن" من" وإن كانت سؤالا عن التصور فالسائل بها تارة يجزم بحصول المبهم، ولكن يسأل عن تعيينه؟ وتارة لا يجزم، كمن يرجو ناصرا يجوز أن لا يوجد، ويرجو أن يوجد ويطلب تعيينه، فقوله: من أنصارى، محمول على ذلك قاله عيسى - عليه الصلاة والسّلام - راجيا من الله تعالى إقامة ناصر له، سائلا عن عينه، فهو سؤال عن التصديق والتصور، لكنه أخرجه مخرج التصور ثقة بالله سبحانه وتعالى وأدبا معه تعالى ومع السامعين، فكان الأكمل السؤال عن التصور، وجعل السؤال عن التصديق مطلوبا فيه. والحواريون تفطنوا لذلك فأجابوا بالتصديق ليحصلوا المقصودين معا كأنهم قالوا هنا: من ينصرك وهم نحن، وقالوا:
أنصار الله؛ لأن نصرته نصرة الله، بمعنى نصرة دينه وليبينوا أن نصرتهم له خالصة لله لا يشوبها غيره من حظوظ البشرية.
(تنبيه): قولنا: من عندك؟ يطلب بها التصور لا التصديق كما سبق؛ لأنه يتضمن أمرين:
أحدهما: استقرار شخص أو أشخاص عند المخاطب، وأن المتكلم عالم بذلك فلا يسأل عنه.