للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإرصاد]

ومنه: الإرصاد، ويسمّيه بعضهم: التّسهيم؛ وهو أن يجعل قبل العجز من الفقرة أو من البيت ما يدل عليه إذا عرف الروىّ،

ــ

وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ *) فإن اللطيف يناسب لا تدركه الأبصار، والخبير يناسب وهو يدرك الأبصار، هكذا قالوه، وقد

يقال: اللطيف المناسب لعدم الإدراك، هو من اللطافة بمعنى صغر الحجم، وليس المراد هنا، إنما المراد اللطيف من اللطف الذى هو الرحمة، فينبغى أن يسمى هذا من باب إيهام التناسب الذى سيأتى، لا من التناسب، ومنه قوله تعالى: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١) فنبه بالغنى على أن ما له ليس لحاجة، وبالحميد على أنه يجود فيحمد، وقد يقال: الختم فى الآيتين وقع بما يناسب وسط الكلام، لا ابتداءه، إلا أن المصنف جعل الختم بمجموع الجملة، ومنه قوله تعالى: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)؛ لأنه لا يغفر لمن يستحق العذاب، إلا من ليس فوقه أحد يرد حكمه، فهو الغالب، والعزيز هو الغالب الحكيم من يضع الشئ فى محله (ويلحق بها) أى: بمراعاة النظير قوله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ وسمى إيهام التناسب؛ لأنه لما ذكر لفظ الشمس والقمر ذكر النجم، والمراد به على أحد القولين" النبات"، فذكر النجم بعد ذكر الشمس والقمر يوهم التناسب؛ لأن النجم أكثر ما يطلق على نجم السماء المناسب للشمس والقمر، بكونه فى السماء، فهو كما تقدم فى إيهام التضاد؛ لكونه مراعاة النظير فى اللفظ لا المعنى.

الإرصاد: ص: (ومنه الإرصاد إلخ).

(ش): من أنواع البديع ما يسمى: الإرصاد لأن السامع يرصد ذهنه للقافية، بما يدل عليها فيما قبلها، ويسمى التسهيم، من البرد المسهم، أى: المخطط الذى لا يختلف ولا يتفاوت، فإن الكلام يكون به كالبرد المسهم المستوى الخطوط كذا قال الخطيبى، والذى فى الصحاح أن المسهم المخطط، ولم يشترط استواء خطوطه، وقيل: يسمى تسهيما؛ لأن المتكلم يصوب ما قبل عجز الكلام إلى عجزه، والتسهيم تصويب السهم إلى الغرض. (وهو أن يؤتى قبل العجز من الفقرة أو البيت بما يدل عليه إذا عرف الروى) قال صاحب


(١) سورة الحج: ٦٤.
(٢) سورة المائدة: ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>