للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تقديمه:

فلتخصيصه (١) بالمسند إليه؛ نحو: لا فِيها غَوْلٌ (٢) أى: بخلاف خمور الدنيا؛ ولهذا لم يقدّم الظرف فى نحو: لا رَيْبَ فِيهِ (٣)؛ لئلا يفيد ثبوت الريب فى سائر كتب الله تعالى.

أو التنبيه من أول الأمر - على أنه خبر لا نعت؛ كقوله [من الطويل] (٤):

له همم لا منتهى لكبارها ... وهمّته الصّغرى أجلّ من الدّهر!

ــ

[تقديم المسند]

ص: (وأما تقديمه ... إلخ).

(ش): تقديم المسند إما لتخصيص المسند بالمسند إليه، كقولك: تميمى أنا، فى جواب من قال: أنت حجازى وشاعر، وكقوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ (٥) المعنى اختصاصها بذلك دون خمور الدنيا، ولذلك لم يقدم الظرف فى: لا رَيْبَ فِيهِ لئلا يفيد ثبوت الريب فى سائر كتب الله سبحانه وتعالى، نعم هنا سؤال، وهو أن مدلول فيها غول ما الغول إلا فيها فنفيه ما اختصت بالغول، وهذا غير المراد؛ لأن ما اختصت بالغول أعم من أنها اشتركت هى وغيرها فيه، وليس هو مرادا، وجوابه يطول ذكره وسنتكلم عليه فى الاختصاص بتقديم المعمول، أو إما أن يقدم المسند ليفيد

التنبيه من أول الأمر على أن المتقدم خبر، كقول حسان رضى الله عنه يمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

له همم لا منتهى لكبارها ... وهمّته الصّغرى أجلّ من الدّهر

له راحة لو أنّ معشار جودها ... على البرّ كان البرّ أندى من البحر

يعنى لو أخر فقال: همم له، لتوهم أنه صفة، وقد يقال: كان الوهم يزول بأن يقال: همم لا منتهى لكبارها له، فإن له حينئذ يتعين للخبرية، إلا أن يقال: يحتمل أن يكون صفة ثانية والخبر محذوف بقرينة، ولا مانع من الوصف بالجملة قبل الوصف بالجار والمجرور، وإن كان قليلا مرجوحا، قلت: ويمكن أن يقال: التقديم هنا إما للاختصاص، وإما للتفاؤل ومسرة السامع مثل:


(١) أى: لقصر المسند إليه على المسند.
(٢) سورة الصافات: ٤٧.
(٣) سورة البقرة: ٢.
(٤) أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٧٨. وقيل: إنه لحسان. والصحيح أنه لبكر بن النطاح فى أبى دلف.
(٥) سورة الصافات: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>