ومنه: حسن التعليل؛ وهو أن يدّعى لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف غير حقيقى، وهو أربعة أضرب؛ لأنّ الصفة إمّا ثابتة قصد بيان علّتها، أو غيّر ثابتة أريد إثباتها:
ــ
فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا وهل أحد يرى أن مادحه مذنب، وإنما كان ينبغى أن يقول: فلم يرهم غيرك مذنبين بمدحهم لك فلأى شئ ترانى أنت مذنبا بمدحى لغيرك؟ وقد يكون المذهب الكلامى بقياس اقترانى، كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (١) أى الإعادة أهون من الابتداء، والأهون أدخل فى الإمكان وهو المطلوب: قوله: أغش وأكذب معناه: غاش وكاذب، إذ ليس فيه تفضيل، ولك أن تقول: هذا النوع كله ليس من البديع، لأنه ليس فى هذا تحسين لمعنى الكلام والمقصود، بل المعنى المقصود هو منطوق اللفظ، فالإتيان بهذا الدليل هو المقصود، فهو تطبيق على مقتضى الحال، فيكون من المعانى لا من البديع، وأنشد ابن رشيق فى المذهب الكلامى:
فيك خلاف لخلاف الذى ... فيه خلاف لخلاف الجميل
وقال عبد اللطيف البغدادى: إن المذهب الكلامى كل ما فيه محيى العلوم العقلية كقوله:
محاسنه هيولى كل حسن ... ومغناطيس أفئدة الرجال
حسن التعليل: ص: (ومنه حسن التعليل، وهو أن يدعى لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف غير حقيقى).
(ش): إنما قال: مناسبة له - وإن كان كل علة مناسبة - ليبين أنها ليست علة بل فيها مناسبة ما باعتبار لطيف معناه بأمر لطيف عند البلغاء، وغير حقيقى أى خيالى، وليس حقيقيا؛ بل بالادعاء، ولذلك بدأ بقوله:
أن يدعى وهو أربعة أضرب؛ لأن الصفة التى تريد أن تثبت لها علة، إما ثابتة أى لها تحقق وقصد بيان علتها، أو غير ثابتة أريد إثباتها بإثبات علتها، والأولى أى الصفة الثابتة، إما أن لا يظهر لها فى العادة