للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [المجاز والكناية افضل من الحقيقة والتصريح]]

أطبق البلغاء على أنّ المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح؛ لأن الانتقال فيهما من الملزوم إلى اللازم، فهو كدعوى الشئ ببيّنة، وأنّ الاستعارة أبلغ من التشبيه؛ لأنها نوع من المجاز.

ــ

نظيره، وليس بصحيح - وأيضا - مخالف لكلامه فى أول الباب، حيث جعل الكناية أريد بها اللازم مع جواز إرادة الموضوع. فدل على أنهما ليسا مرادين معا، ولا يصح الجمع بينهما إلا بأن تحمل إرادتهما معا على إرادة أحدهما بالاستعمال، وهو المخاطب، وإرادة الآخر بالإفادة، وهو جليسة المؤذى (تنبيه): قال الإمام فخر الدين:

" قد تكون الكناية فى الإثبات وقد تكون فى النفى" ومثل الثانى بقوله يصف امرأة بالعفة، والبيت للشنفرى كما أنشده الجرجانى:

يبيت بمنجاة من اللّوم بيتها ... إذا ما بيوت بالملامة حلّت (١)

فتوصل إلى نفى اللوم عنها بنفيه عن بيتها، وقد قدمنا الكناية فى جانب النفى فى قوله تعالى: وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ (٢).

(تنبيه): ما ذكرناه من الكناية، وهو باصطلاح البيانيين، أما الفقهاء فقد ذكروا الكنايات، والظاهر أنها عندهم مجاز، فإذا قال الزوج:" أنت خلية" مريدا الطلاق فهو مجاز، ويسميه الفقيه كناية، فلو أراد حقيقة اللفظ لكونه لازما للطلاق، ففى وقوع الطلاق نظر، ولا أعلم فيه نقلا، ولم يتعرضوا للفرق بين الكناية والتعريض إلا فى باب اللعان، فإنهم ذكروا التصريح، والكناية، والتعريض، أقساما، وذكروا فى الخطبة على الخطبة التصريح والتعريض، ولم يذكروا الكناية، وذكر الوالد فى شرح المنهاج الثلاثة، واختار أن الكناية فى الخطبة على الخطبة حرام؛ لأنها أبلغ من التصريح.

المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح: ص: (فصل أطبق البلغاء إلخ).

(ش): لما فرغ من مقاصد هذا العلم شرع فى ذكر ما بين أقسامه من الرتب فى البلاغة، فقال:" أطبق البلغاء على أن المجاز والكناية" أى كلا منهما أبلغ من الحقيقة والتصريح، وهو لف ونشر، أى المجاز أبلغ من الحقيقة، والكناية أبلغ من التصريح، والسبب فى ذلك أن الانتقال فى الكناية والمجاز من الملزوم إلى اللازم، أى انتقال ذهن السامع، وهذا


(١) سبق تخريجه ص: ٨٠.
(٢) سورة آل عمران: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>