للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإيجاز الحذف، والمحذوف إمّا جزء جملة مضاف؛ نحو قوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (١)، أو موصوف؛

ــ

[إيجاز الحذف]

ص: (وإيجاز الحذف إلى آخره).

(ش): الضرب الثانى من ضربى الإيجاز إيجاز الحذف، وهو ما يكون بحذف شئ من أصل الكلام. لا يقال: إيجاز القصر فيه أيضا حذف لكلام كثير؛ لأن إيجاز القصر يؤتى فيه بلفظ قليل، يؤدى معنى لفظ كثير غيره. وإيجاز الحذف يترك فيه شئ من ألفاظ التركيب الواحد، مع إبقاء غيره بحاله.

والمحذوف: إما جزء من جملة، أو جملة، أو أكثر. وجزء الجملة إما مضاف، أو لا.

الأول: جزء الجملة المضاف، كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ أى: أهل القرية، فحذف المضاف. كذا قاله المصنف، وفيه نظران: الأول: أن هذا ليس بجزء جملة؛ لأنه مفعول، فهو متعلق الجملة لا جزؤها، وكذا غالب ما ذكر فى هذا الباب. فيجب حمل قولهم: جزء الجملة، على ما له بها تعلق. الثانى: أنه قيل: إن القرية عبر بها عن أهلها، والتأنيث فيها على اللفظ لا على المعنى، فيكون مجازا ولا حذف فيه. وقيل: أريد الحقيقة على سبيل المعجزة. وقيل: القرية: اسم مشترك بين المكان وأهله، نقله داود الظاهرى عن بعض أهل اللغة. ومثله المصنف بقوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (٢) أى: أكلها؛ لأن التحريم لا يتعلق بالأجرام، وقد سلم هذا المثال من السؤال الأول، ولم يسلم من الثانى، لجواز أن يكون عبر بالميتة عن أكلها. وينقل عن الحنفية أن التحريم يتعلق بالذوات.

والأحسن التمثيل بقوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى (٣) فإنه لا بد من تقدير: ذا البر أو بر من اتقى، إلا أن يكون من قوله: فإنما هى إقبال وإدبار.

الثانى: جزء جملة موصوف، فقول المصنف: (أو موصوف) معطوف على قوله:

مضاف، كما اقتضاه كلام الإيضاح، ومثله بقوله:


(١) سورة يوسف: ٨٢.
(٢) سورة المائدة: ٣.
(٣) سورة البقرة: ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>