[الإيجاز والإطناب والمساواة]
السكاكى: أما الإيجاز والإطناب فلكونهما نسبيين (١) لا يتيسّر الكلام فيهما إلا بترك التحقيق والتعيين، وبالبناء على أمر عرفى، وهو متعارف الأوساط، أى كلامهم فى مجرى عرفهم فى تأدية المعنى، وهو لا يحمد فى باب البلاغة ولا يذم فالإيجاز: أداء المقصود بأقلّ من عبارة المتعارف،
ــ
وأحسن منه فى التمثيل: لأضربنه ذهب أو مكث. وينبغى تقييد الجملة الشرطية الواقعة حالا بما إذا كان جوابها خبرا، فإنها تكون حينئذ خبرية.
أما إذا كان جوابها إنشاء فإن الجملة الشرطية تكون إنشائية، والإنشاء لا يقع حالا.
وأما إطلاق السكاكى فى الحالة المقتضية لكون المسند إليه جملة، أن الجملة الشرطية ليست إلا خبرية فممنوع، بل هى بحسب جوابها إن كان إنشاء فهى إنشائية، أو خبرا فهى خبرية، والله أعلم.
ص: (الإيجاز والإطناب والمساواة).
(السكاكى: أما الإيجاز إلى آخره).
(ش): هذا هو الباب الثامن. والإيجاز والإطناب باب عظيم، حتى نقل صاحب سر الفصاحة أن منهم من قال: البلاغة هى الإيجاز والإطناب، كما قيل مثل ذلك فى الفصل والوصل.
اعلم أن إخراج الكلام على مقتضى الحال، يكون تارة بالإيجاز والإطناب، وتارة بالمساواة على خلاف فى المساواة، فلا بد من بيان حقائقها.
أما فى اللغة فالإيجاز التقصير. تقول: أوجزت الكلام، أى: قصرته. وكلام موجز من أوجز زيد الكلام متعديا، وموجز من أوجز الكلام قاصرا، ووجيز من وجز ووجز ووجز منطقه، بالضم وجازة ووجز وجزا ووجوزا. والإطناب: المبالغة. أطنب فى الكلام، أى: بالغ فيه.
والمساواة: واضحة. وأما فى الاصطلاح، فقال السكاكى: (أما الإيجاز والإطناب فلكونهما نسبيين) أى إضافيين (لا يتيسر الكلام فيهما إلا بترك التحقيق، والبناء على أمر عرفى، وهو متعارف الأوساط) يريد: أوساط الناس، ومتعارفهم: ما يتعارفونه (فى مجرى عرفهم فى تأدية المعانى وهو) أى: ذلك العرفى الذى هو متعارف أوساط الناس (لا يحمد ولا يذم. فالإيجاز: أداء المقصود بأقل من عبارة المتعارف) وفى هذه العبارة نظر؛
(١) أى من الأمور النسبية التى يتوقف تعقلها فى القياس على تعقل شئ آخر.