ثم قال: الاختصار - لكونه نسبيّا: يرجع فيه تارة إلى ما سبق، وأخرى إلى كون المقام خليقا بأبسط مما ذكر خ خ؛ وفيه نظر؛ لأن كون الشئ نسبيّا لا يقتضى تعسّر تحقيق معناه. ثم البناء على المتعارف والبسط الموصوف: ردّ إلى الجهالة.
ــ
لأن المتعارف هو الكلام، فكأنه قال: عبارة الكلام. ولا يصح أن يكون من قولهم: مسجد الجامع؛ لأن المتعارف مذكر لا يصح أن يوصف به العبارة المؤنثة.
(والإطناب أداؤه بأكثر منها) قال ابن رشيق: والإيجاز عند الرمانى التعبير عن المعنى بأقل ما يمكن من الحروف. مثل: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ وهو الذى يسميه غيره المساواة. ثم نقل المصنف عن السكاكى، أنه قال:(الاختصار لكونه نسبيا يرجع تارة إلى ما سبق) أى إلى اعتباره بكلام الأوساط (وتارة إلى كون المقام خليقا بأبسط مما ذكر) ثم اعترض عليه بأن كون الشئ نسبيا لا يقتضى تعسر تحقيق معناه، وبأن البناء على المتعارف، والبسط الموصوف رد إلى جهالة أى: البناء على المتعارف رد إلى تعريف بشئ مجهول والبسط الموصوف فى الاختصار، رد إلى جهالة، فحذف المصنف خبر أحدهما؛ لدلالة الآخر، أو أخبر بالرد عنهما؛ لأنه مصدر، أو عطف البسط على المتعارف، وأراد بالبناء الأعم منهما.
وقد أجيب عن السكاكى فى السؤال الأول بأن السكاكى أراد أن النسبى يتعسر حده، لأن الحد غير حقيقى بالنسبة إلى الأمور الإضافية، فإن حقيقتها تتوقف على حقيقة أخرى خارجة عنها. وأجيب عنه أيضا، بأن صاحب المفتاح لم يجعل كل شئ نسبى لا يتيسر حده لأنه مع كونه نسبيا منسوب إلى ما تحقق له، ولا انضباط وهو كلام جمهور الناس، وما جرى به عرفهم. وقد اعترف المصنف بذلك فى الاعتراض الذى سيأتى. قال بعضهم: وتقريره شرط معرفة الإيجاز.
والإطناب: كلام لا إيجاز فيه ولا إطناب ولا شئ من كلام كذلك بموجود ينتج من الأول شرط معرفة الإيجاز، والإطناب ليس بموجود. وإذا لم يوجد الشرط لم يوجد المشروط.
(قلت): فيه نظر؛ لأن الصغرى ممنوعة ولا يلزم من قولنا: شرط معرفة الإيجاز والإطناب: معرفة كلام الأوساط، أن نقول: شرط معرفته معرفة ما لا إيجاز فيه، ولا إطناب، فيكون دورا؛ لأن النسبيين وإن توقف معرفة أحدهما على معرفة الآخر فذلك