للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحوال الإسناد الخبرىّ

ــ

وقال تعالى: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ (١)، قال الراغب: يعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا كان أم باطنا بالصدق اه. ومنه صدق الظن، وربما وقع الكذب فى عدم المطابقة فى الإنشاء، وذلك فى قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ إلى قوله: وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢) أى فى قولهم: وَلا نُكَذِّبَ، وذلك يجوز أن يكون إنشاء؛ لأنه يجوز أن يكون معطوفا على خبر (ليت) كما قاله الزمخشرى، وأجاب عن دخول الكذب فى التمنى: بأنه تضمن معنى العدة، وظاهر عبارته أنه مع ذلك باق على الإنشاء، وسنذكر ذلك فى باب التمنى - إن شاء الله - وقد قيل فى الآية غير ذلك، مما يطول ذكره، وأنشد فى دخول التكذيب فى التمنى:

وقد كذبتك نفسك فاكذبنها ... لما منّتك تغريرا قطام

ومن وقوع التكذيب فى الإنشاء لفظا لكنه خبر فى المعنى قوله تعالى: وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ إلى وإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٣).

ص:

[(أحوال الإسناد الخبرى)]

(ش): استغنى بقوله فيما سبق أنها ثمانية أبواب عن أن يسمى هذا بابا، وإنما ذكرنا فى هذا الباب ما هو إسناد إنشائى، وهو قوله تعالى: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً (٤)؛ لأنه قد نبه على أن ذلك إنشاء، وذكره على سبيل الاستطراد والإلحاق. فإن قيل: ما باله ذكر الإسناد الخبرى وما يتعلق بالمسند والمسند إليه؛ ولم يذكر الإسناد الإنشائى؛ بل اقتصر على قوله فى آخر باب الإنشاء أن الإنشاء كالخبر فى كثير مما فى الأبواب الخمسة؟

قلت: قد ذكر الخطيبى ما لا طائل تحته، والذى عندى فى ذلك أن حقيقة الإسناد فى الإنشاء كالفرع للإسناد فى الخبر؛ بل الإسناد فى الإنشاء لا يتحقق إلا بتوسع، وذلك لأن الإسناد نسبة دائرة بين المنتسبين، وهى تنقسم إلى طلب وغيره، فالطلب مثل: اضرب، المسند فيه هو الضرب، والمسند إليه المخاطب، والمتحقق الآن


(١) سورة يونس: ٢.
(٢) سورة الأنعام: ٢٧ - ٢٨.
(٣) سورة العنكبوت: ١٢.
(٤) سورة غافر: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>