للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السكاكى: ومنه متشابهات القرآن باعتبار.

[الهزل يراد به الجد]

ومنه: الهزل الذى يراد به الجدّ؛ كقوله [من الطويل]:

إذا ما تميمىّ أتاك مفاخرا فقل ... عدّ عن ذا، كيف أكلك للضّبّ؟!

[تجاهل العارف]

ومنه: تجاهل العارف؛ وهو - كما سماه السكاكى -: سوق المعلوم مساق غيره لنكتة: كالتوبيخ فى قول الخارجيّة [من الطويل]:

أيا شجر الخابور ما لك مورقا ... كأنّك لم تجزع على ابن طريف

ــ

كذا أطلقه المصنف، ويجب تقييده بالاحتمالين المتساويين، فإنه إن كان أحدهما ظاهرا، والثانى خفيا، والمراد هو الخفى، كان تورية قال السكاكى: ومنه متشابهات القرآن باعتبار. ونقله المصنف عنه ولم يعترض، وفيه نظر؛ لأن متشابهات القرآن تقدم أنها من التورية؛ لأن أحد احتماليها - وهو ظاهر اللفظ - غير مراد وقوله: باعتبار يريد باعتبار مطلق الاحتمالين، لا باعتبار استواء الاحتمالين، فإنه لا استواء فى احتمال المتشابهات. قلنا: فهذا القدر ينفى أن يكون مما نحن فيه.

ومنه الهزل الذى يراد به الجد كقوله:

إذا ما تميمىّ أتاك مفاخرا ... فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضّبّ؟ (١)

فإنه أورده على سبيل الهزل، والمراد به الجد. قيل: لأن تميما تكثر أكل الضب، وفى هذا نظر لا يخفى، والذى يظهر أن قوله: كيف أكلك للضب؟ هزل لأن ظاهره السؤال عن أكل الضب، وهو أمر لا معنى لإرادة معناه عند طلب المفاخرة إلا الهزل، لكن المراد به الجد، وهو الإشارة إلى أن التميمى حقير عن أن يفاخر، وإنما شأنه الاشتغال بأكل الضب ونحوه من الهمم النازلة.

تجاهل العارف: ومنه تجاهل العارف، وسماه السكاكى سوق المعلوم مساق غيره، وسماه ابن المعتز الإعنات لنكتة أى لا يفعل ذلك إلا لاعتبار مقصود، كالتوبيخ فى قول: الخارجية.

قيل: هى ليلى بنت طريف ترثى أخاها حين قتله يزيد بن مزيد الشيبانى:

أيا شجر الخابور ما لك مورقا؟ ... كأنّك لم تجزع على ابن طريف (٢)


(١) البيت لأبى نواس فى الإيضاح ص ٥٠٣.
(٢) البيت من الطويل، وهو لليلى بنت طريف فى الأغانى ١٢/ ٨٥ - ٨٦، والحماسة الشجرية ١/ ٢٣٢، والدرر ٢/ ١٦٣، وشرح شواهد المغنى ص ١٤٨، ولليلى أو لمحمد بن بجرة فى سمط اللآلى ص ٩١٣، -

<<  <  ج: ص:  >  >>