للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدّمة فى بيان معنى الفصاحة، والبلاغة

ــ

فإن الجوهرى ذكره فى مادة خصر فيكون وزنه: فنعل، لكن ابن سيده ذكره فى المحكم فى الرباعى، فيكون وزنه: فعلل كزبرج، والمبسوط هو المختصر منه، والاختصار حاصل فى كل منهما، ويتعدى الفعل إلى واحد منهما أيهما كان بنفسه، وإلى الآخر بحرف مختلف، فتقول: اختصرت المبسوط من اللطيف، واختصرت اللطيف من المبسوط، وعند الإطلاق لا يقع إلا على المبسوط، فتقول: اختصرت المبسوط، واسم المفعول وهو المختصر حقيقة فى كل منهما بقيد، وعند الإطلاق اشتهر على اللطيف ومنه تسمية المصنف هذا مختصرا، باعتبار اختصاره من المفتاح، غير أنه قد زاد ونقص، وليس ذلك شأن الاختصار. وأما التلخيص فهو الشرح كما قال الجوهرى، فهو عكس الاختصار ومادته كلها ترجع إلى البسط، فلذلك لا يجتمع مع الاختصار، إلا أن يقال: إنه لم يرد اختصاره من المفتاح، بل إنه مختصر فى نفسه، وكأنه أراد ما سبق من إزالة التطويل والحشو، ثم لا يخفى أن فى إطلاق التلخيص على المختصر استعمال المصدر بمعنى المفعول مجازا.

[مقدمة فى بيان معنى الفصاحة والبلاغة.]

ص: (مقدمة).

(ش): المقدمة مأخوذة من التقديم، وفيها الفتح وهو الأشهر، بمعنى أن الإنسان يقدمها، ومنه مقدمة الرحل، والكسر بمعنى أنها تقدم الإنسان لمقصوده، ومنه مقدمة الجيش؛ لأنها تقدمه أى تجسره على القدم، أو من قدم بمعنى تقدم، قال تعالى: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (١)، ومقدمة الشئ تارة تكون منه فالإضافة فيها على معنى

من، ومنه مقدمة الجيش، ومقدمة الرحل، ومقدمة البرهان التى هى أحد أجزائه. وتارة تكون خارجة عنه كالذريعة، فالإضافة فيها على معنى اللام، وأما قول المصنف: (مقدمة) فإن أراد أنها مقدمة الكتاب فهى جزء منه، وإن أراد أنها مقدمة العلوم فهى ذريعة إليها، بدليل أنه سيذكر هذه العلوم مستقلة، ويجوز أن تكون جزءا لكل من الثلاثة، فلذلك قدمها عليها، فالراجح أنها جزء على التقديرين خلافا لقول الخطيبى: إنها ذريعة.


(١) سورة الحجرات: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>