للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكقوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (١) أى: لا تعبدوا، وتحسنون، بمعنى: أحسنوا، أو: وأحسنوا.

ــ

والأولى مع الثانية إنشاء فالجامع الاتحاد فى المسند إليه كذا قال الخطيبى وفيه نظر، لأن الاتحاد فى المسند إليه

لا يكفى عند المصنف وكان ينبغى أن يقول: الاتحاد فى المسند إليه وفى المسند التضاد بين الأكل والشرب، وملازمة النهى السرف للأكل فكان ذلك جامعا فوجب اتحادهما فى الخيال.

[مثال لقسم الاتفاق بين المسند والمسند اليه معنا]

ومثال القسم الثانى: وهو اتفاقهما معنى لا لفظا وكل إنشاء قوله عز وجل: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً فإن قوله: وقولوا إنشاء لفظا ومعنى عطف على لا تَعْبُدُونَ وهو خبر لفظا إنشاء معنى فقد اتفقتا إنشاء معنى وإن اختلفتا لفظا فإن لفظ الأولى خبر والثانية إنشاء وبينهما جامع وهو اتحاد المسند إليه كذا قاله الخطيبى وعليه من السؤال ما سبق وأما لا تَعْبُدُونَ مع وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً فإن كان التقدير:

وأحسنوا فتكون الجملتان إنشاء معنى وخبرا لفظا والأولى خبر والثانية إنشاء وإن كان التقدير: تحسنون، فالجملتان خبر لفظا إنشاء معنى ويرجع أن فيه مبالغة وإشارة إلى أنه سورع إلى امتثاله وفيه مشاكلة فى اللفظ لما قبله ويرجح أحسنوا أن فيه مشاكلة لما بعده وإن فيه إضمارا فقط وفى الأول إضمار وتحسنون مجاز فى التعبير عن أحسنوا ولك أن تقول: المصنف جزم بأن وقولوا معطوف على لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وفيه نظر؛ لأن إحسانا، إن كان معمولا لأحسنوا فعطف قولوا عليه أولى لاتفاقهما لفظا ومعنى وإن كان التقدير: وتحسنون فهو كالذى قبله، والعطف على القريب أولى، وكأنه رأى أن المعطوفات إذا تعددت، كان كلها معطوفا على الأول، وقد تقدم أن فيه قولين سمعتهما من شيخنا أبى حيان، وأما اتفاقهما معنى لا لفظا وكل خبر فقال السكاكى: مثاله قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصاكَ (٢)، قال: وألق عصاك جملة إنشائية لفظا خبرية معنى، التقدير: قيل له:


(١) سورة البقرة: ٨٣.
(٢) سورة النمل: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>