للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [تعريف السكاكي للحقيقة اللغوية]]

عرّف السكاكى الحقيقة اللغوية بالكلمة المستعملة فيما وضعت له، من غير تأويل فى الوضع؛ واحترز بالقيد الأخير عن الاستعارة، على أصح القولين؛ فإنها مستعملة فيما وضعت له بتأويل ...

ــ

فى استيفاء اللذات أو الأسباب التى قلما تتآخذ فى اتباع الغى إلا أوان الصبا، كالمال والإخوان، فتكون استعارة الأفراس حينئذ تحقيقية على التقديرين، لكون المشبه المتروك محققا عقليا على الأول، وحسيا على الثانى، ويكون لفظ الصبا حقيقة وعلى التقديرين فى البيت استعارة تبعية، ونظير البيت فى تجويز الوجهين قوله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (١) وقوله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ (٢) على ما ذكره السكاكى، وإن كان المصنف قد جزم بأنها تحقيقية، فإن قلت: المصنف يرى أن الاستعارة بالكناية حقيقة لغوية، وقد جعل هنا لفظ" الصبا" على الاحتمال الأول استعارة بالكناية، وجعله مجازا على الميل والجهل، فقد جعل الاستعارة بالكناية مجازا. قلت: عنه جوابان: أحدهما: أن الصبا ليس مجازا عن الصبوة، بل حقيقة فيها - أيضا - كما يقتضيه كلام الجوهرى. الثانى: أنه إنما أراد بكون الاستعارة بالكناية حقيقة أنها غير مستعملة فى ملزوم واللازم المذكور، الذى هو من خواص المشبه به، والأمر هنا كذلك، فإن الصبا لم يستعمل فى السفر الذى يلزمه الأفراس أما كون لفظ الاستعارة بالكناية تجوز به عن معنى من المعانى، فالمصنف لا يمنع ذلك.

تعريف السكاكى للحقيقة اللغوية: ص: (فصل: عرف السكاكى الحقيقة اللغوية إلخ).

(ش): هذا فصل يتضمن اعتراضات على السكاكى فى تعريف الحقيقة والمجاز والاستعارة، وفى أقسام الاستعارة، فنقل عن السكاكى أنه حد الحقيقة اللغوية بأنها الكلمة المستعملة فيما وضعت له من غير تأويل فى الوضع، واحترز بالقيد الأخير، وهو قوله:" من غير تأويل فى الوضع" عن الاستعارة فإنها على أصح القولين الذاهب إلى أنها مجاز لغوى مستعملة فيما وضعت له وضعا بالتأويل، وهو ادعاء أن أفراد جنس الأسد قسمان: متعارف، وغيره. والمستعار له داخل فى جنس المستعار منه بهذا التأويل، ثم ذكر عنه أنه عرف المجاز اللغوى بالكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له


(١) سورة الإسراء: ٢٤.
(٢) سورة النحل: ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>