وعرّف المجاز اللّغوى بالكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له بالتحقيق، فى اصطلاح به التخاطب، مع قرينة مانعة عن إرادته، وأتى بقيد التحقيق خ خ؛ لتدخل الاستعارة؛ على ما مرّ.
وردّ: بأن الوضع إذا أطلق لا يتناول الوضع بتأويل، وبأنّ التقييد باصطلاح التخاطب لا بدّ منه فى تعريف الحقيقة.
ــ
بالتحقيق فى اصطلاح التخاطب، مع قرينة مانعة من إرادته وأتى بقيد التحقيق المتعلق بالوضع، لتدخل الاستعارة فى قسم المجاز، على ما مر تقريره من أنها مجاز لغوى فإنها مستعملة فيما وضعت له لكن بالتأويل، لا بالتحقيق ثم أورد المصنف عليه أمرين: أحدهما:
أن الوضع إذا أطلق لا يتناول الوضع بتأويل، فلا حاجة إلى قوله: فى حد الحقيقة فيما وضعت له بتأويل. ولا حاجة إلى قوله: فى حد المجاز بالتحقيق؛ لأن لفظ الوضع والفعل المشتق منه إنما ينصرف عند الإطلاق إلى الحقيقة، وحقيقة الوضع بالتحقيق من غير تأويل، وأورد على السكاكى فى هذا القيد أنه إذا صدق أنها مستعملة فى غير ما وضعت له بالتحقيق، صدق أنها مستعملة فى غير ما وضعت له مطلقا؛ لأن صدق الأخص يستلزم الأعم. قاله: بعض شراح المفتاح. قلت: ليس من الأخص والأعم، بل من العام والخاص؛ لأن قوله:" فى غير وضع فى معنى النفى" فهو صيغة عموم. وقوله:" بالتحقيق" تخصيص أدخل ما استعمل فى وضع بتأويل. الثانى: أن التقييد باصطلاح التخاطب المذكور فى حد المجاز لا بد من ذكره فى حد الحقيقة أيضا لتدخل الحقائق الثلاث، كما أن ذكره فى حد المجاز أدخل الحقائق الثلاث: الشرعية، والعرفية، واللغوية. قال المصنف: لا يقال:
قوله:" من غير تأويل فى الوضع" يغنى عن التقييد باصطلاح التخاطب، فإن الحقيقة الشرعية إذا استعملت فى معناها اللغوى، كإطلاق الصلاة بعرف الشرع على الدعاء، لا يصدق عليه أنه مستعمل فيما وضع له من غير تأويل، بل هو مستعمل فيما وضع له بالتأويل؛ لأن وقوع هذا الاستعمال الشرعى يؤذن بأن إطلاقها على الصلاة بتأويل، لأنا نقول: التأويل بالوضع لا يعم المجازات كلها بل إنما يكون فى الاستعارة على أحد القولين، ولذلك قال: إنما ذكرت هذا لإخراج الاستعارة، يعنى فهب أنه أخرج الاستعارة، فما الذى يخرج بقية أنواع المجازات.
وأورد عليه فى الإيضاح - أيضا - أن حد المجاز يدخل فيه الغلط. قلت: أما اعتراضه بأن الوضع إذا أطلق لا يتناول الوضع بتأويل فصحيح، وقد سبق حد الوضع بما يخرج المجاز بجميع أنواعه، فتسمية المجاز موضوعا إن أطلق فهو مجاز، فلا حاجة إلى