للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحقيقة والمجاز]

وقد يقيدان باللغويّين: ...

ــ

الجزء الرابع الحقيقة والمجاز ص: (الحقيقة والمجاز وقد يقيدان باللغويين).

(ش): هذا هو القسم الثانى من علم البيان، والمقصود فيه (١) بالذكر، إنما هو المجاز لكنه احتاج إلى ذكر الحقيقة؛ لأن المجاز فرع عن الوضع للحقيقة على قول، وعن الوضع والاستعمال المستلزمين لوجود الحقيقة على قول، ولأنه لا بد من انتقال الذهن فى المجاز؛ فاحتاج إلى الحقيقة، وحاصله أن ذكر الحقيقة فى هذا العلم تبع للمجاز، بخلاف غيره من العلوم، ولذلك يقال: المجاز فى علم البيان أصل، وأيضا فالمجاز يشير تعريفه إلى تعريف الحقيقة؛ لاشتمال تعريفه على العدم، وهو قولنا:" غير ما وضع له"، واشتمال تعريف الحقيقة على الملكة، وهو قولنا: ما وضعت له، وتصور العدم يلزم منه تصور الملكة، وإنما قدم تعريفها على تعريفه؛ لأنها الأصل لغة، أو

لتقدم تصور الملكة على تصور العدم. (قوله: الحقيقة والمجاز)؛ أى: هذا باب الحقيقة، والمجاز (قوله: وقد يقيدان باللغويين) يشير إلى أن منهم من تكلم فى هذا الباب على الحقيقة والمجاز مطلقا، فدخل اللغويان والعقليان، ومنهم من تكلم على الحقيقة والمجاز اللغويين، ولم يتكلم على العقليين بل جعلهما فى علم المعانى، كما فعل المصنف، فالمقيد باللغويين يخرج العقليين؛ قال الخطيبى: لا حاجة إلى التقييد باللغوى؛ لأن العقلى وقع الكلام عليه فيما سبق، بل التقييد باللغوى يخرج الشرعى والعرفى، ولا يصح؛ لأن هذا الباب معقود للكلام عليهما أيضا، كما سيأتى، ولا يحسن أن يجاب عن ذلك بأن يقال: الشرعية والعرفية يدخلان فى اللغوى، باعتبار أن لهما نسبة إلى اللغة، فيسميان حقيقتين لغويتين أيضا لأنا نقول: قولنا: الشرعية حقيقة لغوية من المغالطة المسماة فى المنطق: اشتراك القسمة وتركيب المفصل، وهو ما يصدق من القول مفردا ولا يصدق مركبا، كقولك:" طبيب ماهر"، تريد: ماهرا فى الشعر، وكذلك: حقيقة لغوية، معناه إذا أريد الشرعية لغوى أصلها.


(١) أى فى علم البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>