للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستخدام]

ومنه: الاستخدام؛ وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما، ثمّ بالآخر الآخر، أو يراد بأحد ضميرين أحدهما، ثم بالآخر الآخر:

فالأوّل: كقوله [من الوافر]:

إذا نزل السّماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

والثانى: كقوله [من الكامل]:

فسقى الغضى والسّاكنيه وإن هم ... شبّوه بين جوانحى وضلوعى

ــ

وضرب لا يبلغ ذلك، كقول ابن الربيع:

لولا التّطيّر بالخلاف وأنّهم ... قالوا مريض لا يعود مريضا

لقضيت نحبى فى فنائك خدمة ... لأكون مندوبا قضى مفروضا (١)

وقال السكاكى: أكثر متشابهات القرآن تورية.

قوله: (منه) أى ومن المعنوى (الاستخدام) قال: سمى استخداما؛ لأن الكلمة خدمت لمعنيين، وقال الخطيبى: يسمى الاستحدام بالحاء المهملة، وهو قسمان: الأول أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما سواء أكانا متساويين أم لا، ثم يؤتى بعده بضمير يعود فى اللفظ عليه، وفى المعنى على معناه الآخر، مثاله قول معاوية بن مالك:

إذا نزل السّماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا (٢)

فإنه أراد بالسماء المطر، وأراد بالضمير فى رعيناه النبات والنبات أحد معنيى السماء؛ لأنه مجاز عنه باعتبار أن المطر سببه، وسوغ عود الضمير على النبات - وإن لم يتقدم له ذكر - ذكر سببه، وهو السماء التى أريد بها المطر. الثانى: أن يراد بأحد ضميرى اللفظ معنى، وبضميره الآخر آخر كقول البحترى:

فسقى الغضا والساكنيه وإن هم ... شبوه بين جوانحى وضلوعى (٣)


(١) البيتان لابن الربيع عبد الله بن العباس فى الإيضاح ص ٥٠١، الإشارات ص ٢٧٢، المصباح ص ٢٦١.
(٢) البيت من الوافر، وهو لمعود الحكماء (معاوية بن مالك) فى لسان العرب ١٤/ ٣٩٩، (سما)، وللفرزدق فى تاج العروس (سما)، وبلا نسبة فى مقاييس اللغة ٣/ ٢٩٨، والمخصص ٧/ ١٩٥، ١٦/ ٣٠، وديوان الأدب ٤/ ٤٧، ورواية صدره: إذا سقط.
(٣) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة فى تاج العروس (غفر).

<<  <  ج: ص:  >  >>