للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: النداء، وقد تستعمل صيغته؛ كالإغراء فى قولك لمن أقبل يتظلّم: يا مظلوم، والاختصاص فى قولهم: أنا أفعل كذا أيها الرجل، أى: متخصّصا من بين الرجال

ــ

قالت بنات العمّ يا سلمى وإن ... كان فقيرا معدما قالت وإن (١)

ونص ابن مالك وابن عصفور على أن ذلك ضرورة، وغيرهما أطلق الجواز، هذا إذا حذفا مع بقاء" إن" فإن حذفت" إن" أيضا فالظاهر جوازه إذا دل عليه دليل.

[النداء من أنواع الإنشاء]

ص: (ومنها النداء ... إلخ).

(ش): أى الخامس من أنواع الإنشاء: النداء، وحقيقته طلب إقبال المدعو على الداعى بأحد حروف مخصوصة، وأحكامه معلومة فى النحو، وقد يستعمل فى غير معناه مجازا، فمن ذلك: الإغراء، وهو فى الاصطلاح إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد عليه، والمراد به هنا الابتلاء، وقد تستعمل فيه صيغة النداء كما نقول لمن يتظلم

ويتشكى من الظلم: يا مظلوم، فإنه ليس نداء حقيقة؛ لأن الغرض أن المخاطب أقبل يتظلم، ولكنه ترغيب له فى شكوى الظلم، ومن ذلك: الاختصاص، كقوله: أنا أفعل أيها الرجل، وغفر الله لنا أيتها العصابة، أى: مخصصا به دون الرجال، واغفر لنا مخصوصين من بين العصائب، والاختصاص حقيقة اسم ظاهر بعد ضمير متكلم أو مخاطب مسند إليه حكم على معنى التخصيص والتأكيد، وأى هذه مبنية على الضم كحالها فى النداء وليست منادى. وزعم السيرافى أنها فى الاختصاص معربة، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ تقديره: هو أيها الرجل، أى المخصوص به، وأن تكون مبتدأ تقديره: أيها الرجل المخصوص أنا المذكو. وذهب الأخفش إلى أنه منادى، قال: ولا يمتنع أن ينادى الإنسان نفسه، كقول عمر - رضى الله عنه - " كل إنسان أفقه منك يا عمر" (٢). وإذا تأملت ما ذكرناه علمت أن الاختصاص على قول الجمهور ليس طلبا


(١) الرجز لرؤبة بن العجاج فى ديوانه ص: ١٨٦، وخزانة الأدب ٩/ ١٤ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٣٦.
(٢) هو حديث عمر - رضى الله عنه - فى نهيه عن المغالاة فى صدقات النساء، فهو صحيح بلفظ:" ولا تغالوا فى صدقات النساء". أما ما شاع على الألسنة من اعتراض المرأة على عمر وقولها:" نهيت الناس آنفا أن يغالوا فى صداق النساء، والله تعالى يقول فى كتابه: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً، فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر، مرتين أو ثلاثا ... " الحديث فهو" ضعيف" يرويه مجاهد عن الشعبى عن عمر، أخرجه البيهقى فى" الكبرى"، (٧/ ٢٣٣)، وقال:" هذا منقطع". وكيف تكون المرأة أفقه من عمر، وهو الملهم المحدث، الذى نزل القرآن على لسانه؟ وراجع كلام الشيخ الألبانى على هذا الخبر فى" الإرواء"، (٦/ ٣٤٧، ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>