للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك أن قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب: إمّا الحكم، أو كونه عالما به؛ ويسمّى الأول: فائدة الخبر.

ــ

هو طلب هذا المسند، أما إسناد الضرب حقيقة فلم يوجد. فالمتحقق إنما هو طلب المسند، وكلامنا إنما هو فى الإسناد المعنوى، أما الإسناد الذى اصطلح عليه النحاة فهو تعليق خبر بمخبر عنه، أو طلب بمطلوب منه، فهو منطبق على ما نحن فيه، وأما غير الطلب فالترجى والتمنى كقولك: (لعل زيدا قائم)، (ليت زيدا قائم)، المسند فيه هو قائم، والكلام فيه كالكلام فيما قبله، والاستفهام كذلك. وأما نحو: (أقسمت) و (أنادى) المقدرين مع و (الله) و (يا زيد) و (طلقت) مثلا، فالإسناد فيها وقع من المتكلم، ومن شرط الإسناد تقدم المنتسبين، والطلاق أو القسم أو النداء المسند - مثلا - لم يكن له تحقق قبل نطقك به، وإنما صح إسناده لتقدم طرفى الإسناد فى العقل، والإسناد الحقيقى لا بد له من خارجى حقيقى يستعقب الإسناد. وفى ذلك ما يشرح صدرك لتخلص الكلام فى الإسناد الخبرى، فطرح التبويب للإسناد الإنشائى، والذى يحتاج إليه فى الإسناد الإنشائى يعلم من أصله وهو الإسناد الخبرى؛ فلذلك قال المصنف: إن كثيرا من الإسناد الخبرى، ومن أبوابه يجرى فى الإنشاء. فإن قلت: هلا قدم الكلام على المسند والمسند إليه على الإسناد وهما متقدمان! قلت: طرفا الإسناد من حيث هما طرفاه لا يتصور تقدمهما عليه، ولا تأخرهما عنه، فلما كانا معه فى زمن واحد كان الإسناد أجدر بالتقديم؛ لأنه محل الفائدة، ولأنه مدار الصدق والكذب المتقدمين عليه، ولأنهما مشتقان عليه من الإسناد. وقولهم: النسبة تستدعى تقدم منتسبيها صحيح باعتبار تقدم ذاتيهما، لا أنهما يتقدمان من حيث النسبة، فإن حقيقة الضارب والمضروب لا تتقدم عن الضرب، ولا تتأخر عنه، وبهذا يعلم أن نحو قوله:" من قتل قتيلا" (١) حقيقة، وأن ما ذكره من لا أحصيه عددا من الأئمة أنه يسمى قتيلا باعتبار مشارفة القتل - لا تحقيق له، وأن معنى قولهم: اسم الفاعل واسم المفعول حقيقة فى الحال إنما يعنون به حال التلبس بالحدث. لا حال النطق فليتأمل والله أعلم.

ص: (لا شك أن قصد المخبر بخبره إلخ).

(ش): تقدم على شرح كلام المصنف قواعد:


(١) أخرجه البخارى فى" المغازى"، (٧/ ٦٣٠)، (ح ٤٣٢١)، ومسلم (ح ١٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>