للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صادِقِينَ (١) فإن" إن كنتم صادقين" يدل على أن المطلوب التصور وعلى أن من شرط طلبه تقدم التصديق، ألا تراه معلقا على الصدق، وبقية ألفاظ الاستفهام تقاس على متى، وقوله: الباقية إن أراد باقى ما ذكره فصحيح، وإن أراد باقى ألفاظ الاستفهام فيرد عليه أم المنقطعة، كما تقدمت الإشارة إليه فإنها لا تكون إلا للتصديق بخلاف المتصلة، فإنها لا تكون إلا للتصور، ولا شك أنها من أدوات الاستفهام وقد عدها معهن السكاكى فى المفتاح، ووجهه أنها إن كانت متصلة فالاستفهام فيها واضح، أو منقطعة فهى مقدرة ببل، والهمزة لا يقال: إن كانت متصلة فليست مستقلة بالاستفهام؛ لأنها لا تستعمل إلا مع الهمزة، وإن كانت منقطعة ففيها إضراب؛ لأنا نقول: كون المتصلة لا تستعمل إلا مع الهمزة لا يخرجها عن الاستفهام، ولا شك أن كل واحد مما قبلها وما بعدها مستفهم عنه، وكون المنقطعة فيها إضراب لا يخرجها عن أن تكون استفهامية؛ لأن الاستفهام جزء معناها أو أحد معنييها، وإنما نعنى المنقطعة التى فيها الاستفهام دون المتمحضة للإضراب، وقد صرح النحاة بعدّ (أم) من حروف الاستفهام، وذكره الشيخ أبو حيان وغيره، إذا عرف ذلك، فمن ألفاظ استفهام التصور" ما" ويطلب بها أحد أمرين، إما شرح الاسم، أى: شرح مدلول الاسم لغة، وكان الأولى أن يقول: الكلمة لتعم الفعل والحرف، لكنه ذكر الاسم لمشاكلته للمسمى أو يقال: الاستفهام عن الفعل والحرف يرجع إلى الاستفهام عن الاسم؛ لأنك إذا قلت: ما ضرب، وما من تقديره" ما" مدلول ضرب وما مدلول من، وإما أن يطلب بها ماهية المسمى كقولك: ما الإنسان؟ وتريد شرح الحقيقة الإنسانية، وإنما سمى الأول شرح الاسم؛ لأن تقديره" ما" مدلول هذا الاسم وما وضع له وتقدير الثانى: ما هذه الماهية التى هى مسمى هذا الإنسان، فإن الشخص قد يعرف أن الإنسان اسم لرجل من بنى آدم، تقول: ما الإنسان؟ سائلا عن حقيقته، وأول هذين القسمين، وهو السؤال عن الاسم يكون متقدما فى الزمان عن قسمى (هل) أى: عن الاستفهام بهل البسيطة، وبهل المركبة؛ لأن شرح الاسم سابق عليهما، لأن الاستفهام عن ثبوت شئ، أو عن ثبوت شئ لشئ فرع عن معرفة معنى اسم ذلك الشئ، فتقول أولا:

ما العنقاء، ثم تقول: هل هى موجودة؟ ثم تقول: هل هى تستمر أبدا؟ وأما القسم الثانى وهى" ما" التى يطلب بها المسمى، فهو متقدم على المركبة؛ فهى متوسطة بين


(١) سورة الملك: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>