يمثل بقول الإنسان: الإسلام حق، لمن ينكره، كما مثل فى الإيضاح، ثم قال: وعليه قوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ وعلى هذين الاعتبارين قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١) أكد تأكيدين، وإن لم ينكره أحد، لتنزيل المخاطبين لتماديهم فى الغفلة تنزيل من ينكر الموت، وأكد إثبات البعث تأكيدا واحدا، وإن كان أكثر؛ لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بأن لا ينكر ويتردد فيه، فنزل المخاطبون منزلة المترددين فيه حثا لهم على النظر فى أدلته الواضحة.
(تنبيه) اعلم أن أقسام هذا الفصل متعددة، وقد حاول الكاتبى والخطيبى فى شرح المفتاح تعدادها فذكراها على وجه قاصر وها أنا أذكرها على التحرير - إن شاء الله تعالى - فأقول: المخاطب إما عالم بفائدة الخبر ولازمها معا، أو خال منهما، أو طالب لهما، أو منكر لهما، أو عالم بالفائدة خال من اللازم، أو عالم بالفائدة طالب للازم، أو عالم بالفائدة منكر للازم أو عالم باللازم خال من الفائدة، أو عالم به طالب للفائدة، أو عالم به منكر للفائدة أو خال من اللازم طالب للفائدة أو خال من اللازم منكر للفائدة أو خال من الفائدة طالب للازم، أو خال منهما منكر للازم أو طالب للفائدة منكر للازم، أو منكر للفائدة طالب للازم. يبطل منها عالم باللازم خال من الفائدة، أو خال من الفائدة منكر للازم، أو خال من الفائدة طالب للازم؛ فالثلاثة مستحيلة، ومنها ثلاثة ممكنة إن حملنا اللازم على الاعتقاد، مطابقا كان أو لم يكن، وهو: عالم باللازم متردد فى الفائدة، أو عالم به منكر للفائدة، أو منكر للفائدة طالب للازم. وإن حملنا للازم على الاعتقاد المطابق للخارج سقط الثلاثة أيضا، فعلى الأول تبقى الأقسام الممكنة ثلاثة عشر، كل منها إما أن تأخذه على كل واحد من الأوجه العشرة السابقة ولا تأخذه على كل شئ من الستة التى قلنا: إن ثلاثة منها مستحيلة قطعا، وثلاثة مستحيلة على أحد الاحتمالين؛ لأن الستة هنا مستحيلة على الاحتمالين معا، فتضرب ثلاثة عشر فى عشرة تبلغ مائة وثلاثين، يسقط منها ثلاثة عشر؛ وهو كل مخاطب من هؤلاء الثلاثة عشر فرضناه عالما بالفائدة واللازم، فإنا لا نخاطبه، لا يقال: قد تكرر الإخبار تأكيدا، فيكون الخبر الثانى واقعا بعد العلم بالفائدة ولازمها؛ لأنا نقول: لا نؤكده حتى ننزله بالإخبار الثانى، كأنه لم يعلم بالخبر الأول شيئا،