للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما يشاء وفيما قيل نظر؛ لأن هذا المثال هو المطابق لقوله سبحانه وتعالى: يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) وقوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ (٢) فلعل السكاكى لم يقصد بقوله: لما يشاء الاحتراز؛ بل قصد التأسى بالآية الكريمة. قلت: وهذه الفائدة داخلة فى الأولى، إلا أن يقال: المقصود الإعلام بالتعين، أو إحضاره فى ذهن السامع، وهذا القسم بهذا المثال هو الجدير بأن يقال فيه: ترك المسند إليه لدلالة العقل، ويسمى الأول: دلالة

المعنى وقوله: (أو ادعاء التعيين) فهو كقوله: (يعطى بدرة) يعنى السلطان، ولو قال المصنف: ادعاء التعين إما ادعاء مطابقا، أو غير مطابق، لكان أحسن، وسيأتى عن قريب ما قد يورد على هذا.

(تنبيه): ينبغى أن يلحق هذا بما يحصل به القصر، ويذكر فى بابه.

وقوله: (أو نحو ذلك) ذكر فى الإيضاح بعد ذكره أنه يترك إذا كان ذكره عبثا، أنه يحذف إما لذلك، وإما لذلك، مع ضيق المقام، ومقتضاه أن ضيق المقام قد يقصد منضما إلى غيره، لا مستقلا. والسكاكى جعله فائدة مستقلة، قسيمة للعبث ثم كيف يحسن أن يكون ذلك علة مستقلة، وجزء علة أخرى، وهذا القسم يصلح أن يمثل له بقوله:

قال لى كيف أنت قلت عليل (٣)

لأن الاستفهام قد يكون مع ضيق المقام عن طول الإجابة، وهى حالة العليل، وقد يكون مع اتساعه، كقوله تعالى حكاية عن موسى عليه السّلام: قالَ هِيَ عَصايَ (٤) وذكر السكاكى من أسباب الحذف: كون الاستعمال واردا على تركه، أو ترك نظائره، كقولهم: رمية من غير رام وكقولك: نعم الرجل زيد، على قول من يرى أن التقدير:

هو زيد. وقيل: عكسه، وقيل: زيد مبتدأ، خبره نعم الرجل. وهذا السبب يدخل فيه جميع المواضع التى ذكر النحاة وجوب حذف المبتدأ فيها، وهى: إذا أخبر عنه بنعت مقطوع لمدح، أو ذم، أو ترحم، أو بمصدر بدل من اللفظ بفعله، نحو:


(١) سورة النور: ٤٥.
(٢) سورة القصص: ٦٨.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سورة طه: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>