الظهور، بحيث لا يختص بها راء دون راء، بل كل من أمكن منه الرؤية داخل فى ذلك الخطاب.
(تنبيه): مثل هذا الخطاب هل نقول: إنه عام عموم الصلاحية، أو عموم الاستغراق، ويحتمل أن يقال بالأول، ويكون الخطاب مع شخص لا بعينه، لكن فيه إشكال، من جهة أن ذلك يزيل تخصيص الضمير، ويجعله شائعا، وذلك بمعنى التنكير، وضمائر المخاطب لا تكون إلا معرفة، وإن كان ضمير النكرة قد يقال: إنه نكرة - كما هو أحد
قولين - لكن ذاك فى ضمير الغيبة، فلو جعلنا ذلك الشخص لا بعينه لضاهى تنكير الأعلام، والمضمرات لا تنكر كما ينكر العلم، ويحتمل أن يقال: إن المراد أنه خطاب مع كل من يقبل أن يخاطب، وعلى هذا فيكون عاما للشمول، ويحتمل أن يقال: إنه استعمل ضمير المفرد مرادا به، الجمع فيكون مجازا إن جوزنا التجوز فى المضمرات، وفيه بحث. ويحتمل أن يقال: إنه جمع بين الحقيقة والمجاز، على معنى أنه خوطب الجميع ليكون لواحد منهما حقيقة، ولغيره مجازا، فأيهما فرضته فيه حقيقة كان فى غيره مجازا، لكنه لا يتعين فى الخارج، فلم يقع حينئذ إلا على معين يفيد التعيين المطلق الذى لا يتميز فى الخارج، ويحتمل أن يقال: إنه حقيقة، يدل على كل فرد بالمطابقة، كدلالة العام على أفراده، والمشترك على معانيه، ولا يلزم عليه أن يصير مدلوله جمعا، بل ينصب على كل فرد فرد انصبابا واحدا، وهذا هو الظاهر، ولم أر من تكلم على ذلك فليتأمل.
(تنبيه): إنما يتأتى ذلك حيث كان المخاطب به صالحا لأن يخاطب به كل أحد، فإن لم يكن فلا، كقوله تعالى: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ (١).
واعلم أن خطاب القرآن ثلاثة أقسام: قسم لا يصلح إلا للنبى صلّى الله عليه وسلّم وقسم لا يصلح إلا لغيره، وقسم يصلح لهما، وقد تكلمنا على ذلك فى شرح مختصر ابن الحاجب.