للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أو زيادة التقرير؛ نحو: وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ (١).

٤ - أو التفخيم؛ نحو: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٢).

ــ

الثالث: زيادة التقرير، أى: تقرير المسند، كقوله تعالى: وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ «١» فإنه لو قيل: زليخا، لم يفد ما أفاده هنا من ذكر السبب، الذى هو قرينة فى تقرير المراودة، وهى كونه فى بيتها. وهذا مثال للمسند إليه وهو فاعل؛ إذ لا فرق بين المبتدأ والفاعل.

الرابع: إرادة تفخيم المسند إليه، كقوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ «٢» ولقائل أن يقول: يحصل ذلك بالتنكير، أو يقول: إن ما نكرة موصوفة، ولو قيل:

فغشيهم الغرق؛ لم يفد هذا التفخيم، وأنشد فى الإيضاح:

مضى بها ما مضى من عقل شاربها ... وفى الزّجاجة باق يطلب الباقى

وقد قيل فى قوله تعالى: ما غَشِيَهُمْ إنما أتى به للتقليل؛ لأن الماء كان أضعاف ما يغرقهم. معناه أنه شئ يسير من

ذلك الماء غشيهم، وعلى هذا يترجح التنكير. قال فى الإيضاح: ومنه فى غير هذا الباب قوله تعالى: فَغَشَّاها ما غَشَّى (٣) أى فغشاها الله ما غشاها، فيكون الموصول مفعولا. وفيه نظر، والذى يظهر أن الموصول فاعل، ويؤيده أنه لو كان مفعولا، لكان المفعول الثانى ضميرا منفصلا، ولا يجوز حذفه؛ لأنه عائد منفصل أو متصل، فلا يجوز لاتحاد رتبته برتبة ما قبله. أو غشاها به فيلزم حذف العائد المجرور، وهو لا يجوز هنا.

وأما قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٤) وقوله تعالى: فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ (٥) فهو مؤول، وحيث لا حاجة إلى التأويل، تركناه. وأنشد بعد ذلك ما ليس من هذا الباب أيضا؛ لكونه ليس مسندا إليه، كقول دريد بن الصمة:

صبا ما صبا حتّى علا الشّيب رأسه ... فلمّا علاه قال للباطل: ابعد (٦)

فإن: ما مفعول به أو مطلق.


(١) سورة يوسف: ٢٣.
(٢) سورة طه: ٧٨.
(٣) سورة النجم: ٥٤.
(٤) سورة البقرة: ٣
(٥) سورة الطور: ١٨.
(٦) البيت من الطويل، وهو لدريد بن الصمة فى ديوانه ٦٩، والأصمعيات ١٠٨، والشعر والشعراء ٧٥٥، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ٨٢١، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>