للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخامس: الاسم الدال على الحقيقة، وأفراده متميزة، وليس له مؤنث بالتاء مثل:

رجل، وأسد، وفرس. قد يقال: إنه قصد فيه الجنس مع الوحدة، ما لم يقترن بما يزيلها من تثنية، أو جمع، أو عموم، وبه جزم الغزالى فى المستصفى، والقرافى، وإليه أشار السكاكى عند الكلام على تعريف المسند، وجزم به الكاشى، وهو الظاهر، ويشهد له تثنيته وجمعه، وصحة قولك: ما عندى رجل بل رجلان، وقولهم: إن واحدا من قولك: جاء رجل واحد، تأكيد، وأنه لا يصح: عندى رجل عاقلون، أو رجل كثير، ويحتمل أن يقال: إنه لأعم من الواحد وغيره، بدليل صحة قولك: رجل خير من امرأة، لا تريد إلا الجنس. ولقول النحاة: لا التى لنفى الجنس، فى نحو: لا رجل، ويقولون: إنه لنفى الحقيقة؛ ولذلك لا يصح أن تقول: بل رجلين؛ ولأنه كلى، والكلى لا تعرض فيه لوحدة ولا تعدد؛ ولأن الزمخشرى قال فى قوله تعالى: ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا (١): إنه وحده لفظا؛ لأن الغرض الدلالة على الجنس، ويحتمل: يخرج كل واحد منكم طفلا، يريد وحد طفلا؛ لأن المراد الجنس لا الوحدة. وهذا وإن لم يكن صحيحا فى نفسه؛ لأن طفلا يستعمل للجمع والمفرد لغة؛ لكنا استفدنا منه أنه يرى أن نحو: طفل ورجل، لا يختص به الواحد، وكذلك قوله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٢) ويشهد له أيضا، أن الإمام صرح فى المحصول بأن

الإنسان مطلق، ليس لوحدة، ولا كثرة.

وقال الزمخشرى أيضا فى قوله تعالى: وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ (٣): الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين: على الجنسية، والعدد المخصوص. فإذا أريدت الدلالة على أن المعنى به منهما هو العدد، شفع بما يؤكده، فدل على القصد إليه. ألا ترى أنك لو قلت: إنما هو إله، ولم تؤكده بواحد، لم يحسن، وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية. اه.

وهو كالصريح فى أن نحو: رجل يحتمل الوحدة والتعدد. ولا ينافى هذا قولهم:

إن ذكر الواحد تأكيد؛ لأن لقائل أن يقول: المتحقق فيه هو الجنس، ولكن


(١) سورة الحج: ٥.
(٢) سورة الفرقان: ٧٤.
(٣) سورة النحل: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>