للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابن الحاجب فى أماليه فى قوله تعالى: غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ (١) الفائدة فى إعادة لفظ الشهر الإعلام بمقدار زمن الغدو وزمن الرواح، والألفاظ التى تأتى مبينة للمقادير لا يحسن فيها الإضمار، ولو أضمر فالضمير إنما

يكون لما تقدم باعتبار خصوصيته، فإذا لم يكن له وجب العدول عن المضمر إلى الظاهر، ألا ترى أنك لو أكرمت رجلا وكسوته كانت العبارة عنه أكرمت رجلا وكسوته، ولو أكرمت رجلا وكسوت غيره كانت العبارة أكرمت رجلا وكسوت رجلا، فتبين أن هذا ليس من جعل الظاهر موضع المضمر، لأنه لو أتى بالمضمر لم يستقم، وشرط الطيبى فى هذه القاعدة أن لا يقصد التكرير وجعل من قصد التكرير قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ (٢) فإن فيه نكرتين والثانى هو الأول، وأجاب عنه بأنه باب التكرير لإناطة أمر زائد، ويدل عليه تكرير ذكر الرب فيما قبله من قوله سبحانه وتعالى: سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٣) والذى استدعى هذا التكرير مقام تنزيهه عز وجل عن نسبة الولد إليه، وهذه القاعدة يكثر ذكرها فى كتب الحنفية قال فى الهداية: من قال: سدس مالى لفلان، ثم قال فى ذلك المجلس أو غيره: سدس مالى لفلان، فله سدس واحد، لأن السدس ذكر معرفا بالإضافة، والمعرفة متى أعيدت يراد بالثانى عين الأول، هذا المعهود فى اللغة، وقال فى النهاية: من كتبهم أيضا فيما لو قال: أنت طالق نصف تطليقة، وربع تطليقة المنكر إذا أعيد منكرا، فالثانى غير الأول، وإن قال: أنت طالق نصف تطليقة وثلثها أو سدسها لم تطلق إلا واحدة للإضافة، وفى شرح المنار لحافد الدين النكرة إذا أعيدت معرفة كانت الثانية الأولى لدلالة العهد (قلت): وهذه القاعدة الظاهر أنها غير محرورة، والتحقيق أن يقال: إن كان الاسم عاما فى الموضعين فالثانى هو الأول، لأن من ضرورة العموم أن لا يكون الثانى غير الأول ضرورة استيفاء عموم الأول للأفراد، وسواء كانا معرفتين عامتين، أم نكرتين عامتين كوقوعهما فى حيز النفى، أما إذا كانا عامين وهما معرفة ونكرة فسيأتى وإن كان الثانى فقط عاما، فالأول داخل فيه


(١) سورة سبأ: ١٢.
(٢) سورة الزخرف: ٨٤.
(٣) سورة الزخرف: ٨٢. وقد حرفت الآية فى الأصل فقال:" سبحان رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ".

<<  <  ج: ص:  >  >>