٢ - أو المسند كذلك؛ نحو: جاءنى زيد فعمرو، أو ثمّ عمرو، أو جاءنى القوم حتى خالد.
ــ
الثانى: أن يقصد تفصيل المسند مع اختصار، نحو: جاء زيد فعمرو؛ لأن عطفه بالفاء يقتضى إسناد فعلين إليهما، هكذا نقل عن سيبويه. وينبغى أن يسمى هذا تعدد المسند إليه والمسند معا، ويلزم من تعدد المسند إليه، تعدد المسند. ففى جاء زيد، وعمرو، ولا شك أنهما مجيئان؛ لاستحالة صدور الفعل الواحد من فاعلين؛ إلا إذا حصل التعاون فيه، مثل: حمل الصخرة زيد وعمرو وبكر على تكلف فيه، فإن كل واحد، إنما حمل بعضها؛ لكن يصدق أن حملها، فعل صدر من جماعة اشتركوا فيه، فأما قول سيبويه فى نحو: مررت بزيد وعمرو، أنه مرور واحد بهما، بخلاف مررت بزيد فعمرو، فسببه أن الفاعل واحد فيمكن فيه ذلك.
وقد يقال: إنك إذا قلت: قام زيد وعمرو، فقد جردت من قيامهما حقيقة كلية واحدة، أخبرت بها، ولذلك كان العامل فى المعطوف عليه، هو العامل فى المعطوف، ولا يتضح هذا المعنى فى العطف فى الفاء؛ لأن الترتيب ينفى إرادة الحقيقة الكلية؛ وإن كان يمكن القول به بأن يخبر بالقيام، ويريد به ما يشمل القيامين معا، وكذلك يتعدد المسند إذا كان العطف بثم، أو حتى، غير أنه لا بد فى حتى من تدريج. قال المصنف:
كما ينبئ عنه قول الشاعر:
وكنت فتى من جند إبليس فارتمى ... بى الحال حتى صار إبليس من جندى
فلو مات قبلى كنت أحسنت بعده ... طرائق فسق ليس يحسنها بعدى (١)
وأورد على المصنف أن حتى هذه ليست عاطفة.
(قلت): لا يخفى على المصنف ذلك؛ لكنه أراد أن يمثل لدلالة حتى على التدريج، وهى تدل عليه عاطفة كانت، أم غير عاطفة، ولهذا قال: كما ينبئ عنه قوله، ولم يقل: ومنه قوله. أو يكون بناء على أن حتى تعطف الجمل؛ لكن فيه بعد؛ لأن ارتمى بى الحال، لا يستقل بمعنى الكلام.
(١) البيتان لأبى نواس، والأول منهما فى المفتاح ص ١٠٢، وحتى فيه ليست عاطفة، وإنما يقصد التمثيل بها لإفادتها التدريج، وإنما لم تكن عاطفة لأن المشهور أنها لا تأتى فى عطف الجمل، ولأن الجملة قبلها لا يستقل بها الكلام حتى يصح العطف عليها عند من يقول بصحة العطف بها فى الجمل.