للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإيضاح، والجمهور على خلافه، ومما يدل على الحصر أيضا، قوله تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (١) وقوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ (٢) لأن الإنكار فى الآيتين لا يحصل إلا بالحصر.

(تنبيه): فائدة الحصر غير منحصرة فى التخصيص، بل يفيد أيضا التأكيد، كما صرحوا به، ويفيد أيضا الدلالة على أن ما بعده خبر لا صفة، على خدش فى ذلك محله علم النحو؛ لأن هذه الفائدة من حظ النحوى، لا من حظ البيانى. وهذه الفوائد الثلاث، ذكرها الزمخشرى عند الكلام على قوله تعالى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣).

(تنبيه): قال ابن الحاجب فى شرح المفصل: إن الفصل ضمير مؤكد لما قبله، وقال فى أماليه: إن ضمير الفصل ليس تأكيدا؛ لأنه لو كان، فإما أن يكون لفظيا، أو معنويا، لا جائز أن يكون لفظيا؛ لأن اللفظى إعادة اللفظ الأول، مثل: زيد زيد، أو معناه مثل:

قمت أنا، والفصل ليس هو المسند إليه، ولا معناه؛ لأنه ليس مكنيا به عن المسند إليه، ولا مفسرا له، ولا جائز أن يكون معنويا؛ لأن المعنوى التأكيد بألفاظ محصورة، كالنفس والعين.

(تنبيه): وما قاله من كون الفصل، لا يعود لما قبله حسن دقيق، ولا سيما إذا قلنا: إن الفصل حرف، غير أنه قد

يخدش فيه، أنه يشترط مطابقته له فى إفراد، وتثنية، وجمع، إلا أن يقال: حوفظ على المطابقة الصورية. وأما قوله: إنه ليس تأكيدا، ففيه نظر، ولا يسلم أن التأكيد منحصر فيما ذكره؛ لأن التأكيد الذى ذكره هو التوكيد الذى تكلم عليه النحاة فى باب التابع؛ ولكنه تأكيد باصطلاح الأصوليين وأهل المعانى، وهذا كما أن التأكيد يكون بأن واللام. وكأنه توهم أن المراد: أن الفصل تأكيد للمسند إليه، وليس كذلك، بل هو تأكيد للجملة، كما قدمناه فى أوائل هذا الشرح.

وبمجموع ما ذكرناه، وما ذكره ابن الحاجب، اتجه إشكال فى قول النحاة: إن الفصل لا يجتمع مع التأكيد، فلا يقال: زيد نفسه هو القائم؛ لأنا نقول: نفسه تأكيد


(١) سورة الكوثر: ٣.
(٢) سورة الشورى: ٩.
(٣) سورة البقرة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>