الجرجانى غير أن الفرق والذى فرق به بين الظاهر والمضمر والمعرفة والنكرة يقتضى هذا الفرق، فلذلك تكلم المصنف معه فأورد عليه أن الفاعل اللفظى والمعنوى سواء فى امتناع التقديم كما يمتنع زيد قام على أن يكون زيد فاعلا يمتنع أنا قمت على أن يكون أنا تأكيدا فكلاهما ما داما فاعلا وتأكيدا ممتنع التقديم فإن خرجا من ذلك جاز تقديم كل منهما، فتجويز تقديم أحدهما دون الآخر ترجيح من غير مرجح (قلت): للسكاكى أن يفرق بأن الفاعل المعنوى إذا قدم لا يبقى الفعل بلا فاعل ولا يتغير عن حاله بخلاف زيد قام إذا قدم بقى الفعل بلا فاعل فاحتاج إلى ضمير. وأجيب عنه بأن الفاعل المعنوى له جهتان: جهة التبعية وجهة الفاعلية المعنوية، فيقدم باعتبار إحدى الجهتين دون الأخرى، وفيه نظر؛ لأن الفاعل اللفظى له جهتان: فاعلية معنوية، ولفظية. فقدم بإحداهما دون الأخرى، ثم قال المصنف: ثم لا نسلم انتفاء التخصيص لولا تقدير التقديم أى فى رجل قام لجواز أن يكون المسوغ للابتداء بالنكرة التقوية كما ذكره السكاكى فى" شر أهر ذا ناب" على رأيه.
(قلت): وجوابه أن إرادة الاهتمام لا تطرد كما أنه ليس فى كل صفة يتأتى القطع للمدح كما نص عليه سيبويه، ثم
قال المصنف: ولا نسلم أنه يمتنع أن يقال: المهر شر لا خير، وأجيب عنه بأن نسبة الإهرار إلى الخير إذا استعملت مجاز فنفيه عنه كذلك، وفيه نظر، وقد ظهر بما ذكرناه أن المسند إليه أقسام.
أحدها: نكرة وليت حرف النفى فيفيد الاختصاص عند الجميع بكل حال.
الثانى: ضمير ولى حرف النفى فيفيد الاختصاص دائما - عن الجرجانى والمصنف - ويشترط تقديره مؤخرا عند السكاكى.
الثالث: اسم ظاهر ولى حرف النفى فيفيد الاختصاص دائما عند الجرجانى ولا يفيد أبدا عند السكاكى على ما نقله المصنف.
الرابع: مثبت مضمر، والمسند غير منفى فيفيد الاختصاص تارة والتقوية أخرى عند الجميع.
الخامس: مثبت نكرة فيفيد الاختصاص دائما عند الجرجانى والسكاكى والمصنف.
السادس: معرفة وهو اسم ظاهر مثبت، والمسند غير منفى، فلا يفيد دائما إلا التقوية عند السكاكى، وعند الجرجانى والمصنف يفيد تارة دون أخرى.