للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثالث؟ (قوله: ولهذا لم يصح ما أنا قلت ولا غيرى) لقائل أن يقول: ما الذى يمنع؟ ذلك وإنما منعه فرع هذه الدعوى ولو سلمنا أنه يدل على قول غيره فما المانع من أن يصرح بخلاف المفهوم فيصح هذا التركيب كما أن قولك: لا تضرب رجلا جاهلا اقتضى بالمفهوم اختصاص ذلك بالجاهل، ويصح أن يصرح بخلافه؟

فيقول: لا تضرب عالما ولا جاهلا فهذا التعليل لا يصح والذى يظهر فى تعليله بعد تسليم أن ما أنا قلت، معناه: أنا مختص بعدم القول أن قولك: وما غيرى تقديره ولا غيرى قال: فيناقض منطوق ما قبله، فإن معنى: ما غيرى، قال: اختصاص غيره بعدم القول وهو يناقض اختصاصه بالقول الذى هو دليل المعطوف عليه، وإنما قلنا ذلك؛ لأن الإتيان بلا فى مثله يفيد الحكم على كل فرد فإذا أثبت الاختصاص فى كل منهما تناقضا كل ذلك على رأى الجرجانى الذاهب إلى أن نحو: زيد قال يفيد الاختصاص، وبهذا يعلم أنه لا فرق فى الامتناع بين ما أنا قلت ولا غيرى، وما أنا قلت ولا زيد، ويعلم أيضا أنه لا يمتنع أن تقول: ما أنا قلت وزيد، فإن المعنى حينئذ أنا وزيد مختصان بعدم القول وأما ما أنا قلت وغيرى، فلو جعلنا المراد: أنا وغيرى مختصان بعدم القول لزال الاختصاص (قوله: ولا ما أنا رأيت أحدا) قد تقدم الاعتراض عليه فيه (قوله: وإلا) أى وإن لم يكن حرف النفى مع المسند إليه فهو منقسم إلى قسمين، فعلمنا منه أنه متى ولى المسند إليه حرف النفى كان للتخصيص مطلقا (قوله: ردا على من زعم انفراد غيره به أو مشاركته) فيه نظر، فينبغى أن يكون للتخصيص حيث قصد الرد على مدعى المشاركة، وللتقوية حيث قصد الرد على مدعى انفراد غيره إلا أن يقصد المبالغة فى إثباته بالتخصيص الادعائى.

(وقوله: وقد يأتى لتقوى الحكم) نحو: أنت لا تكذب، فإنه أبلغ من: لا تكذب، ومن: لا تكذب أنت، فإن التأكيد فيه

للمحكوم عليه لا الحكم والتأكيد فى: أنت لا تكذب، للحكم، هذا يدل على أنه حيث جعله للتقوية لا يقدر فيه تقديما ولا تأخيرا كما صنع السكاكى، وهذا يقتضى أن الفعل المثبت فيما نحن فيه لا يكون إلا للتخصيص، كما إذا كان المسند إليه منفيا مثل: ما أنا قلت؛ لأنه جعل احتمال التقديم للتخصيص والتقوية مشروطا بكون المسند إليه منفيا، وهذا ما قدمت الوعد به عند

<<  <  ج: ص:  >  >>