للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى ... علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (١)

وسبب ذلك أن الحكم على كل فرد، وقيل: سببه فى الحديث أن السؤال عن أحد الأمرين لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما فجوابه بالتعيين أو بنفى كل منهما، وبأن ذا اليدين قال: قد كان بعض ذلك، والموجبة الجزئية نقيض السالبة الكلية، وفى البيت أن الشاعر عدل عن النصب الفصيح إلى الرفع الذى هو ضرورة عند سيبويه وغيره مع عدم الضرورة - وليس هذا إلا لذلك - هذا ما ذكروه، والتحقيق فى ذلك ما ذكره الوالد فى تصنيف له فى أحكام كل، وها أنا أذكره ملخصا، قال: لا بد من تقديم مقدمة، وهو أن قولنا: زيد قائم حكم على زيد بالقيام، وهى موجبة محصلة. وقولنا: زيد ليس بقائم حكم عليه بعدم القيام، وهى موجبة معدولة. ويشترط فى القسمين وجود موضوعهما. وقولنا: ليس زيد بقائم سالبة محصلة، وليس معناها الحكم على زيد بعدم القيام، وإلا لساوت الموجبة المعدولة، ولكن معناها سلب ما حكمت به فى الموجبة المحصلة، ولذلك تصدق مع وجود الموضوع وعدمه، والسالبة المحصلة نقيض الموجبة المحصلة وأعم من الموجبة المعدولة، ومدلول السالبة المحصلة نقيض مدلول الموجبة المحصلة.

إذا تقرر ذلك جئنا لغرضنا فقلنا: لم يقم كل إنسان سالبة محصلة معناها نقيض لمعنى الموجبة المحصلة وهى

قام كل إنسان حكم على كل فرد بالقيام فيكون المحكوم به فى السالبة المحصلة نقيض قيام كل فرد، ونقيض الكلى جزئى فيكون مدلوله سلب القيام عن بعضهم، ولذلك يقول المنطقيون: ليس كل إنسان بقائم سالبة جزئية.


(١) البيت لأبى النجم فى المصباح ص ١٤٤، وأسرار البلاغة ٢/ ٢٦٠، والمفتاح ص ٣٩٣، والإشارات ص ٢٥١، ودلائل الإعجاز ص ٢٧٨، وخزانة الأدب ١/ ٣٥٩، ونهاية الإيجاز ص ١٨٢، وشرح عقود الجمان ١/ ٥٣، والأغانى ٢٣/ ٣٦.
ويقول عبد القاهر فى تعليقه على البيت: إنه أراد أنها تدعى عليه ذنبا لم يصنع منه شيئا البتة لا قليلا ولا كثيرا ولا بعضا ولا كلا. والنص يمنع من هذا المعنى ويقتضى أن يكون قد أتى المذنب الذنب الذى ادعته بعضه، وذلك أنا وجدنا إعمال الفعل فى" كل" والفعل منفى لا يصلح أن يكون إلا حيث يراد أن بعضا كان وبعضا لم يكن. الدلائل ص ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>