للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المدلول، ثم فى كلام عبد القاهر تحرير، وهو أن كلا إن كانت فى حيز النفى بأن أخرت عن أداة النفى كانت لنفى الشمول لا لنفى كل فرد مثل قوله:

ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه ... تجرى الرّياح بما لا تشتهى السّفن (١)

هذا على تقدير رواية الرفع، وقد جوز فيه ابن جنى النصب على إضمار فعل على شريطة التفسير فعلى هذا يكون من القسم الآخر، وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى، وكذلك إذا كانت معمولة للفعل المنفى، ولك أن تقول: إذا كانت معمولة للفعل كانت فى حيز النفى فلا ينبغى أن يجعل قسما برأسه، وكونها معمولة إما على جهة الفاعلية نحو: ما جاء كل القوم، وعبد القاهر مثله بما جاء القوم كلهم، وفيه نظر؛ لأن كلا ليست معمولة للفعل المنفى بالأصالة بل بالتبعية، وهى هنا للتأكيد، والذى أفاد نفى الشمول هو النفى عن القوم. أو كان على جهة المفعولية مثل لم آخذ كل الدراهم وعلى ما مثل به عبد القاهر فى الفاعل ينبغى أن يقول هنا: لم آخذ الدراهم كلها.

(قلت): وذكره الفعل ليس للتقييد بل للوصف كذلك، تقول: لست آخذ كل الدراهم ليس القائم كل الرجال، والمراد الفعل الذى عمل فيه سواء كان متقدما أم متأخرا، وقد مثله بقوله كل الدراهم لم آخذ، وفيه نظر لما سنذكره فى آخر الكلام فليراجع.

وقوله: (لنفى الشمول) أى لنفى المجموع وقوله: (خاصة) أى لا لكل واحد.

قوله: (وأفاد ثبوت الفعل أو الوصف) ليشمل لم آخذ ولست آخذا، وهو إشارة لما قلناه من أن الوصف كالفعل. وقوله: (لبعض) أى أفاد الكلام ثبوت الفعل لبعض المشمولين فى جهة الفاعلية نحو: لم يقم كل الرجال أثبت قيام بعضهم.

قوله: (أو تعلقه به) أى فى جهة المفعولية نحو: لم أضرب كل رجل، أفاد تعلق الضرب ببعضهم، وكذلك فى الوصف، مثل: ليس القائم كل رجل، لست الضارب كل أحد.


(١) البيت للمتنبى من قصيدة مطلعها:
بم التعلل لا أهل ولا وطن ... ولا نديم ولا كأس ولا سكن
انظر: التبيان ٢/ ٤٧٨، ودلائل الإعجاز ص ٢٨٤، وشرح المرشدى ١/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>