للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمنطوق به، فلم أصنع فى قوة المتقدم لأنه عامل، لكن فى كتاب سيبويه عند ذكر كله لم أصنع أن قال: وهذا ضعيف - أى حذف الضمير - وهو بمنزلته فى غير الشعر، لأن النصب لا يكسر البيت ولا يخل به ترك إضمار الهاء، كأنه قال: كله غير مصنوع اه.

وهو يقتضى أنه لا فرق بين الرفع والنصب فى التقدير كله غير مصنوع، ويلزم منه أن النصب أيضا يفيد عموم السلب فيبعد كل البعد حمل كلام سيبويه على أنه فيهما لسلب العموم. وقد اختار الوالد صحة ما قاله سيبويه، وحمله على ظاهره، وعلله بأن اللفظ ابتدئ بكل، ومعناها كل فرد، فعاملها المتأخر فى معنى الخبر عنها، لأن السامع إذا سمع المعمول تشوق إلى عامله تشوق سامع المبتدأ إلى الخبر، فكان" كله لم أصنع" (١) منصوبا ومرفوعا سواء فى المعنى.

(فرع): إذا قلت: صنع كل فرد منتف أو لم يكن لم يدل على نفى كل صنع بل على نفى الصنع المستغرق، لأنه المعمول على كل قبل دخول السلب، فافهم ذلك فإنه قد يخفى، ويظن أنه لأجل تقدم كل على النفى يحصل عموم السلب، وذلك إنما يكون إذا كان مدلولها محكوما عليه بالنفى والحكم بالنفى على محمولها لا على موضوعها غير أن الصيغة محتملة لذلك وغيره.

(فرع): النهى كالنفى فلا تضرب كل رجل معناه لا تضرب المجموع، ولذلك قالوا: لو قال: والله لا كلمت كل رجل إنما يحنث بكلامهم كلهم فلو كلم واحدا لم يحنث، وهذا وإن لم يكن نهيا فهو فى حكمه، فإن قلت: قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ (٢) وقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ (٣) ثبت الحكم فيه لكل فرد، قلت:

بقرينة أو بجعل الأداة والإضافة للجنس، فإن قلت: فما تصنع فى قوله تعالى:

وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (٤) ونحوه من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٥) وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً (٦) وقوله


(١) فى الأصل" صنع" والصواب ما أثبتناه.
(٢) سورة الأنعام: ١٥١.
(٣) سورة الأنعام: ١٥١.
(٤) سورة الحديد: ٢٣.
(٥) سورة الحج: ٣٨.
(٦) سورة النساء: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>