للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشهور (١): أنّ الالتفات هو التعبير عن معنى بطريق من الثلاثة بعد التعبير عنه بآخر منها، وهذا أخصّ:

مثال الالتفات من التكلّم إلى الخطاب: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢).

وإلى الغيبة: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٣).

ــ

بغيره، والمشهور أن الالتفات التعبير عن معنى بإحدى الطرق الثلاثة بعد التعبير عنه بطريق أخرى، وهو أخص من الأول لأن نحو قول الخليفة أمير المؤمنين يأمرك بكذا التفات عند السكاكى دون غيره.

وقول السكاكى: خلاف الظاهر أعم من أن تكون مخالفة الظاهر لفظية لا معنوية كقوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ (٤) فإن سقناه على وفق الظاهر معنى لأنه جاء على الأصل، وعلى خلاف الظاهر لفظا لأن لفظ الجلالة للغيبة.

أو تكون مخالفته للظاهر معنوية لا لفظية مثل أمير المؤمنين يأمرك بكذا أو معنوية ولفظية مثل: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.

والسكاكى لم يصرح بما أراده بقوله: خلاف الظاهر، هل يريد بحسب اللفظ أو المعنى؟ لكن دلنا على أن ذلك مراده جعله فى أبيات امرئ القيس التى ستأتى ثلاث التفاتات، لكن مخالفة الظاهر فى المعنى لا فى اللفظ شرط كونها التفاتا أن لا يوافق لفظا سابقا فإن وافقه فليس التفاتا، فحاصله أن الالتفات عند السكاكى إتيان الكلام على أسلوب مخالف لأسلوب سابق مطابقا أو لم يسبقه غيره والمعنى يقتضى خلافه، وقد قسموا الالتفات إلى ستة أقسام.

الأول: الالتفات من التكلم إلى الخطاب، ومثلوه بقوله تعالى: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الأصل وإليه أرجع، فالتفت من التكلم إلى الخطاب، قلت: وفيه نظر لجواز أن يكون أراد بقوله ترجعون المخاطبين ولم يرد نفسه، ويؤيده ضمير الجمع، ولو أراد نفسه لقال يرجع، وعلى قول السكاكى يحتمل أن يكون المراد وما لكم والثانى فى ترجعون لأن وما لى مخالف للظاهر معنى وترجعون مخالف للظاهر لفظا، وقد قدمنا أن مخالفة الظاهر بأيهما كان التفاتا.


(١) هذا مذهب الجمهور.
(٢) سورة يس: ٢٢.
(٣) سورة الكوثر: ١ - ٢.
(٤) سورة فاطر: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>