الأول - أن يكون سببيا، والمراد بالسببى أن يكون إثبات المسند للمسند إليه لمتعلقه لا لنفسه، وذلك إما بأن يتقدم السببى نحو: زيد أبوه منطلق، أو يراد حدوث المسند وهو سببى مثل: زيد انطلق أبوه، وفى هذين القسمين يكون جملة، أو زيد منطلق أبوه، وهو مفرد سببى.
الثانى - أن لا يكون سببيا، ولكن يراد تقوى الحكم بتكرر الإسناد كقولك: زيد قام؛ فإنه وقع الإسناد إلى زيد مرتين
أحدهما إلى لفظ زيد، والثانى لضميره وهو فاعل قام.
الثالث - أن لا يكون سببيا ولا يراد به التقوية مثل: زيد منطلق، فحاصله أنه إن أريد به التقوية كان جملة، وإن لم يرد فإما أن يكون سببيا أو لا، إن لم يكن فهو مفرد، وإن كان فإما أن يتأخر السببى ولا يراد الحدوث، أو لا، فإن تأخر ولم يرد الحدوث فهو مفرد مثل: زيد قائم أبوه، إذا عرفت ذلك ورد على المصنف أن كلامه يقتضى أنه متى كان سببيا كان جملة، وليس كذلك؛ لأجل زيد منطلق أبوه.
(تنبيه): مراد المصنف بغير السببى هو ما أراده السكاكى بالمسند الفعلى، وهو ما يكون مفهومه محكوما فيه بالثبوت أو الانتفاء، وجعل منه: فى الدار خالد، على أن تقديره: استقر فى الدار. وأورد عليه المصنف أمرين:
أحدهما - أن ما ذكره فى تفسير المسند الفعلى يجب أن يكون تفسيرا للمسند مطلقا، والظاهر أنه إنما قصد به الاحتراز عن المسند السببى؛ إذ فسر المسند السببى بعد هذا بما يقابل تفسير المسند الفعلى، ومثله بقولنا: زيد أبوه انطلق أو منطلق، والبر الكر منه بستين، فجعل أمثلة السببى مقابلة لأمثلة الفعلى مع الاشتراك فى أصل المعنى؛ وأجيب عنه بأن ما ذكره تفسير للمسند الخبرى المقابل للسببى الشامل للمفرد والجملة التى تكون قصد بها تقوى الحكم؛ ولذلك قيد السكاكى الفعلى بنفى الجملة؛ ليتعين كونه مفردا، أما كونه مقابلا للسببى؛ فلأن الفعلى ما يكون مفهومه محكوما فيه بالثبوت للمسند إليه أو الانتفاء، وهو أعم من المفرد والجملة التى يكون المقصود بها تقوى الحكم.