للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقيّد: فى نحو: (كان زيد منطلقا) هو (منطلقا)، لا (كان).

وأما تركه (١):

فلمانع منها (٢).

ــ

كان عاما، فلذلك إذا قلت: ما ضربت قائما لا يكون فيه نفى الضرب عن غير قائم، فالفائدة لم تزد بل نقصت؛ والتحقيق أن الفائدة زادت ولكن المخبر به نقص، فينبغى أن تفسر تربية الفائدة بحصولها على الكمال.

بقى أن يقال: التقييد واضح فى المفعول معه والمفعول له، أما المفاعيل الثلاثة فهى ملازمة للأفعال، فليس للفعل حالة إطلاق وحالة تقييد، فإن أراد تقييده لفظا فيقال:

تربية الفائدة تحصل مع الحذف؛ لأنه لا يحذف إلا إذا قام عليه الدليل، فالفائدة سواء فى قولك: (ضربت زيدا)، وقولك: (ضربت)، فى جواب: (ما صنعت)؟ إلا أن يقال:

التنصيص عليه ينقلها من الظهور إلى النص. ثم ذكر نوعا غريبا من التقييد وهو قولك:

(كان زيد قائما) ربما يتوهم أن التقييد حصل بخبر كان؛ لأنه بمنزلة المفعول، واسمها بمنزلة الفاعل قد يكمل الإسناد بها وباسمها فقال: ليس كذلك بل الإسناد دائر بين اسمها وخبرها كما كان قبل (كان)، وإنما دخلت (كان) تقييدا فالقيام مقيد بكان، وليست كان مقيدة بالقيام، وهذا واضح على رأى من ذهب إلى أنها مسلوبة الحدث، أما على قول الجمهور من أن لها حدثا وزمانا فالأمر أيضا كذلك، إلا أنه أغرب فإن (كان) إن كانت مسندة إلى اسمها فيصير اسم كان مسندا إليه أمران فى حالة واحدة، ثم يصير القيد عاملا فى المقيد، ويصير قولك: (كان زيد قائما)

جملتين متداخلتين مركبتين من ثلاث كلمات، وإن كانت مسندة إلى الجملة بعدها لزم الإشكال الثانى والثالث، ثم كيف تستند إلى الجملة وقد تقرر من مذهب البصريين خلافه؟! ثم لو أسندت إلى الجملة لكانت تامة لا ناقصة، ولكانت الجملة كلها فاعلا. وعلى الأول فقد يتعلق بذلك متعلق فيجيز نحو: (زيد القائم حضر) على أن يكون القائم خبرا لزيد ومبتدأ لحضر، وكقوله تعالى: قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ (٣) على أن يكون (من وجد فى رحله) خبرا عما قبله مبتدأ لما بعده، ولا


(١) أى ترك التقييد.
(٢) أى من تربية الفائدة.
(٣) سورة يوسف: ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>