للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخالف ذلك لفظا إلا لنكتة؛

ــ

ص: (ولا يخالف ذلك لفظا إلا لنكتة).

(ش): مخالفة ذلك تكون بأحد أمرين: الأول - أن يقعا ماضيين لفظا، يشير إلى أنه إذا أتى بفعل الشرط ماضيا لفظا كان معناه الاستقبال. وما ذكره من كون فعل الشرط والجواب مستقبلين هو مذهب الجمهور، وذهب المبرد إلى أن فعل الشرط إذا كان لفظ (كان) بقى على حاله من المضى؛ لأن (كان) جردت عنده للدلالة على الزمان الماضى، فلم تغيرها أدوات الشرط، وجعل منه قوله تعالى: إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ (١)، إِنْ كانَ قَمِيصُهُ (٢) والجمهور على المنع، وتأولوا ذلك كله إما على التبين أو غير ذلك، وكذلك الجواب لا يكون إلا مستقبلا. ومن العجائب أن ابن مالك لا يجوز أن يكون فعل الشرط ماضى المعنى (بكان) ولا غيرها، ثم يجوز أن يكون فعل الجواب ماضى اللفظ والمعنى مقرونا بالفاء مع (قد) ظاهرة أو مقدرة كقوله تعالى: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ (٣) وقوله تعالى: وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ (٤). وكيف يتصور أن يكون الشرط مستقبلا والجواب ماضيا؟

فيلزم حينئذ تقدم المشروط على الشرط وهو محال عقلا! والصواب تأويل ذلك كله على حذف الجواب أو غيره، إلا أن التأويل على حذف الجواب مشكل فى نحو: إِنْ يَسْرِقْ فإن البصريين لا يجوزون حذف الجواب إذا كان فعل الشرط مضارعا مجزوما.

واعلم أنه قد وقع فى عبارة الزمخشرى فى قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ (٥) على قراءة الرفع الشاذة يجوز أن يحمل أينما تكونوا على أينما كنتم فيكون كقول زهير:

وإن أتاه خليل يوم مسغبة ... يقول لا غائب مالى ولا حرم (٦)


(١) سورة المائدة: ١١٦.
(٢) سورة يوسف: ٢٦.
(٣) سورة يوسف: ٧٧.
(٤) سورة يوسف: ٢٧.
(٥) سورة النساء: ٧٨.
(٦) البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص: ١٥٣، والإنصاف ٢/ ٦٢٥، وجمهرة اللغة ص: ١٠٨، وخزانة الأدب ٩/ ٧٠، ٤٨، والدرر ٥/ ٨٢، ورصف المبانى ص: ١٠٤، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٨٥، وشرح التصريح ٢٤٩، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٨٣٨، والكتاب ٣/ ٦٦، ولسان العرب ١١/ ٢١٥ (خلل)، ١٢/ ١٢٨ (حرم)، والمحتسب ٢/ ٦٥، ومغنى اللبيب ٢/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>