للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول (١): كقول البحترىّ فى المعتزّ بالله [من الخفيف]:

شجو حسّاده وغيظ عداه ... أن يرى مبصر ويسمع واعى

أى: أن يكون ذو رؤية، وذو سمع، فيدرك محاسنه وأخباره الظاهرة الدالّة على استحقاقه الإمامة دون غيره؛ فلا يجدوا إلى منازعته سبيلا.

وإلا (٢) وجب التقدير بحسب القرائن.

ــ

العموم البدلى فى الأفعال، وإنما لم يقل فيه عموم المفعول؛ لأن الغرض أن الفعل جاء قاصرا فلا مفعول له، وقد نازعه الخطيبى الشارح فى النقل عن السكاكى بما يعرفه من وقف على كلامه فلا حجة للإطالة بذكره، وقول المصنف: (وإن لم يكن خطابيا فلا يفيد ذلك) قال الخطيبى: الإشارة فى قول المصنف ذلك غير ما ذكره مما لا

يخفى ضعفه، وأما القسم الأول وهو أن يكون الفعل المطلق الذى جعل لازما كناية عنه متعلقا بفعل مخصوص دلت عليه قرينة فكقول البحترى يمدح المعتز بالله:

شجو حسّاده وغيظ عداه ... أن يرى مبصر ويسمع واعى (٣)

أى: ليس فى الوجود ما يرى ويسمع إلا آثاره المحمودة، فإذا أبصر مبصر لا يرى إلا محاسنه، وإذا سمع سامع كذلك، فغيظ عداه أن يقع إبصار أو سمع فإنه كيف وقع لا يقع إلا على محاسنه، بخلاف ما لو قال أن يرى مبصر محاسنه؛ فإنه ليس فيه حينئذ ما يقتضى أنه ليس فى الوجود ما يبصر غير محاسنه، فإن قلت: المصنف قد جعل هذا قسما من جعل المتعدى لازما فكيف يقول بعد ذلك: إنه كناية عن مفعول وإن التقدير أن يرى آثاره. قلت: لا منافاة بين الكلامين بأن يجعله قاصرا، وهو كناية عن رؤية خاصة وسمع خاص، وخصوصيته باعتبار أنه نوع خاص من الإبصار باعتبار مفعوله الخاص فهو قاصر مكنى به عن متعد لا يصلح لا لمفعول واحد نعم لك أن تقول: المتعدى لمفعول واحد كيف يكنى عنه بالقاصر، والقاصر ليس لازما للمتعدى للواحد، بل ولا يجتمع معه. (قوله: وإلا) أى: وإن لم يكن قطع النظر عن المفعول، بل قصد ولم يذكر لفظا فإنه يقدر بحسب القرائن.


(١) وهو أن يجعل الفعل مطلقا كناية عنه متعلقا بمفعول مخصوص.
(٢) أى وإن لم يكن الغرض عند عدم ذكر المفعول المتعدى المسند إلى فاعله إثباته لفاعله أو نفيه عنه مطلقا بل قصد تعلقه بمفعول غير مذكور.
(٣) البيت من الخفيف أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص: ٨١، والمعتز بالله بن المتوكل على الله، والمستعين بالله بن المعتصم بالله ابن بنى العباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>