وشرط قصر الموصوف على الصفة إفرادا: عدم تنافى الوصفين، وقلبا: تحقّق تنافيهما، وقصر التّعيين أعمّ.
ــ
ويحتمل أن يكون تساويا عنده يعود إلى قصرى الإفراد والقلب، أى: من يعتقد الشركة، أو تساويا عنده، أو يعتقد
العكس، أو تساويا عنده، وسيأتى ما يدل عليه.
ص:(وشرط قصر الموصوف ... إلخ).
(ش): يريد أن شرط قصر الموصوف على الصفة إفرادا أن تكون الصفتان غير متنافيتين، فالمنفى فى قولنا: ما زيد إلا شاعر، هو كونه كاتبا مثلا، وليس المنفى كونه مفحما عاجزا عن الشعر؛ لأن ذلك ينفيه قولنا: هو شاعر، من غير قصر، والسامع لا يمكنه أن يتخيل اجتماعهما فى ذهنه بخلاف ما لا ينافى الشعر، فإنه قد يعتقد اجتماعه معه فينفيه بالقصر، وقول المصنف: إن ذلك شرط فى قصر الموصوف إفرادا، ظاهره أنه ليس شرطا فى قصر الصفة إفرادا، وفيه نظر؛ لأن قولك: لا جواد إلا حاتم، فى قصر الإفراد إنما يصح إذا كان الجود يمكن أن يتصف به اثنان، فإن لم يمكن كقولك: لا أب لزيد إلا عمرو، فلا يتأتى فيه قصر الإفراد؛ لأن اشتراك اثنين فى أبوة زيد إذا لم يرد به الأب الأعلى لا يمكن. قوله:(وقلبا) أى: وشرط قصر الموصوف قلبا (تحقق تنافيهما) حتى يكون المنفى فى قولنا: ما زيد إلا قائم، كونه قاعدا لا كونه أسود أو أبيض ليكون إثباتها مشعرا بانتفاء غيرها. قوله:(وقصر التعيين أعم) يعنى لأن اعتقاد الاتصاف بأحد الأمرين أعم من جواز اجتماعهما وامتناعه، فكل ما يصلح أن يكون مثالا لقصر الإفراد، أو قصر القلب يصلح أن يكون مثالا لقصر التعيين، أى: من غير عكس. قلت: ومن هنا يعلم أن قوله: أو تساويا عائدا إلى كل من قصرى الإفراد والقلب. قال المصنف: وأهمل السكاكى القصر الحقيقى وأدخل قصر التعيين فى قصر الإفراد، فلم يشترط فى قصر الموصوف إفرادا عدم تنافى الصفتين، ولا فى قصره قلبا تحقق تنافيهما. قيل: لا يحتاج إلى اشتراط عدم التنافى بين الصفتين فى الإفراد؛ لأن العقل مستقل بالحكم بعدم اجتماع المتنافيين، وكذلك التنافى بين الأمرين ظاهر فى القلب فلم يحتج لذكره، وقيل: إنما لم يشترط السكاكى التنافى فى القلب؛ لأنه لا دليل على اشتراطه وما ذكره المصنف لا يدل؛ لجواز أن يكون انتفاء غيرها يحصل من إثباتها بطريق من طريق القصر، مع عدم التنافى؛ إذ لا مانع من أن يعتقد المخاطب صفة مكان صفة، وهما لا يتنافيان.