وجه، كأنه تبع فيه الشيخ شهاب الدين العراقى، وهو غفلة منه أو تسمح أطلقه لتعليم بعض الفقهاء ممن لا إحاطة له بالعلوم العقلية، وكذلك مثل بالزنا والإحصان، وتلك كلها ألفاظ متباينة المعنى، والتباين أعم من التنافى، وقد أشار إليه البيضاوى فى الفصيح، والناطق بقوله: والزنا والإحصان متباينان، وكذلك الحيوانية والبياض، ويظهر أن يقال: يصح قام كاتب لا شاعر؛ لأن كاتبا لا يصدق على شاعر؛ إذ معنى الكتابة ليس فيه شئ من معنى الشعر، فالفقيه والنحوى الصرف يريد أن يتأنس بهذه الحقائق، وأما: قام الناس لا زيد، ونحوه من عطف الخاص على العام، فإن أريد بالناس غير زيد جاز، وإن أريد العموم وإخراج زيد بقولك: لا زيد على جهة الاستثناء، فكان يخطر لى جوازه، لكنى لم أر أحدا من النحاة عدّ (لا) من حروف الاستثناء. وأما لو أريد بالناس غير زيد فجائز بقرينة العطف، ويحتمل أن يمتنع كما امتنع الإطلاق فى: قام رجل لا زيد، فإن احتمال إرادة الخصوص فى الأول، كاحتمال إرادة التقييد فى الثانى، ولا يأتى احتمال الاستثناء للثانى، وأظن كلام بعض النحاة فى: قام الناس ليس زيدا أنه جعلها بمعنى لا، وأما قام الناس وزيد فجوازه واضح. وإنما جوزت العطف هاهنا مع عدم المغايرة ومنعته فيما سبق لعدم المغايرة، لأن العطف يستدعى مغايرة يحصل بها فائدة، وعطف الخاص على العام وإن أريد عمومه يحصل به فائدة التقوية؛ فلذلك سلكته هنا ومنعته فى النفى. وأما استدلال الشيخ جمال الدين بن مالك - رحمه الله تعالى - بعطف جبريل فلعله يريد أنه مذكور بعده؛ لأن هذا القدر هو المحتاج إليه فى أنه يقتضى تخصيصا أولا، وأما قول السائل: لأى شئ يمتنع العطف فى نحو: ما قام إلا زيد لا عمرو، وهو عطف على موجب؟ فلما تقدم من أن لا يعطف بها ما اقتضى مفهوم الخطاب نفيه ليدل عليه صريحا وتأكيدا للمفهوم والمنطوق فى الأول الثبوت والمستثنى عكس ذلك؛ لأن الثبوت فيه بالمفهوم لا بالمنطوق، ولا يمكن عطفها على المنفى. وقوله: أسوأ درجاته أن يكون مثل: ما قام الناس ولا زيد، ممنوع لأن العطف فى: ولا زيد بالواو، وليس فيه أكثر من خاص بعد عام، وللعطف بلا حكم يخصه ليس للواو.