والنفى لا يجامع الثانى؛ لأنّ شرط المنفى ب لا خ خ: ألّا يكون منفيّا قبلها بغيرها. ويجامع الأخيرين، فيقال: إنما أنا
تميمى لا قيسىّ خ خ؛ و: هو يأتينى لا عمرو خ خ؛ لأنّ النفى فيهما غير مصرّح به؛ كما يقال:(امتنع زيد عن المجئ لا عمرو).
السكاكى: شرط مجامعته للثالث: ألّا يكون الوصف مختصّا بالموصوف؛ نحو:
إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ (١) ".
ــ
النص على المنفى فى الأول رغبة فى الإيجاز. وقوله:(والنفى لا يجامع الثانى) أى:
النفى: بل لا يجامع النفى والاستثناء؛ (لأن شرط المنفى بلا أن يكون منفيا قبلها بغيرها) وفيه نظران:
أحدهما: أن هذا إذا عطف على المستثنى منه: أما إذا عطف على المستثنى بإلا، فما المانع وهو مثبت؟ ويشهد لذلك بطلان عمل لا إذا وقع خبرها بعد إلا وامتناع دخول الباء، ويكون حكم المنفى بلا مستفادا مرتين إحداهما بالخصوص، والأخرى بالعموم.
الثانى: أن قوله بغيرها قيد ليس صحيحا؛ فإن شرط المنفى بلا أن لا يكون منفيا قبلها، سواء أكان نفيه بها أم بغيرها، نحو قولك: لا رجل فى الدار لا زيد، وهو ممتنع وقد يجاب بأن مقصوده لا العاطفة، وهذا المثال المنفى فيه ليس منفيا قبلها بلا العاطفة، بل بلا التى لنفى الجنس، لا يقال: يجوز: لا رجل فى الدار لا زيد ولا عمرو، فهذا منفى بلا، وقد نفى قبله بلا فاحترز عنه؛ لأن لا زيد ولا عمرو بدل مفصل من لا رجل وهو على نية تكرار العامل، فهو جملة أخرى والكلام فى لا التى هى حرف تعطف المفرد، وإذا تقرر أن النص على المنفى أصل فى الوجه الأول، فهو لا يجوز أن يجامع الثانى، فلا تقول: ما أنا إلا قائم لا قاعد، وقد تقدم فى كلام الوالد - رحمه الله - التعرض لهذه المسألة وتجويزها، وأما الأخيران، وهما إنما والتقديم، فيجوز فيهما التصريح وعدمه، فتقول: إنما أنا تميمى لا قيسى؛ لأن النفى فيهما غير مصرح به، بل مستفاد بالمفهوم، فجاز العطف على تميمى، وإن كان معناه: ما أنا إلا تميمى؛ لأن النفى غير المصرح به لا يمتنع أن يعطف عليه بلا، كما تقول: امتنع زيد عن المجئ لا عمرو، وإن كان معناه النفى، ولو صرحت بالنفى لما صح بلا، وشرط السكاكى لجواز مجامعة لا للثالث، أى: القصر بإنما أن لا يكون الموصوف مختصا بالوصف كقوله تعالى: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ فإن كل أحد يعلم أن الذى لا يسمع لا يستجيب، فلا يصح أن يقال: لا غير. قلت: فيه نظران: