للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما الاستفهام عن التصور فإما عن تصور المسند إليه، ومثله المصنف بقولك: أدبس فى الإناء أم عسل، وهو

مثال صحيح وإما عن تصور المسند، ومثله المصنف بقولك: أفى الخابية دبسك أم فى الزق، وفيه تساهل؛ فإن فى الخابية ليس مسندا، بل المسند الاستقرار الذى هو عامل فى هذين الجارين والمجرورين، ويمكن تأويل كلامه على أنه لم يرد بالمسند الظرف، بل الاستقرار الذى يتعلق به الظرف، وإما عن تصور شئ من تعلقات المسند، ولم يذكره المصنف، وكلام الخطيبى يوهم نفيه، وليس كما قال وذلك قولك: أزيدا أم عمرا ضربت، ويصح التمثيل له بما مثل به المصنف للاستفهام عن المسند، وهو أفى الخابية دبسك أم فى الزق. قوله: (ولكونها) أى: الهمزة (لا تختص بتصور ولا تصديق) مقلوب صوابه أن يقال: لا يختص بها تصور ولا تصديق، وإن كان الواقع أن الهمزة لا تختص بالتصور ولا بالتصديق؛ لأن كلا منهما يوجد فى استفهام بغيرها، وكل من التصور والتصديق لا يختص بالهمزة؛ لأنها استعملت فى الآخر، ولكن المصنف يريد أن الهمزة تستعمل فيهما، والتعبير عن ذلك أن يقول: لكون الهمزة لا يختص بها تصور ولا تصديق، بل تخرج عن كل منهما للآخر لم يقبح كذا وكذا، ثم على المصنف اعتراض، وهو أن عدم قبح ما سيذكره ليس ناشئا عن استعمال الهمزة فى التصور والتصديق، كما ذكره، بل هو ناشئ عن استعمالها فى التصور فينبغى أن يقول:

ولكونها لا يختص بها تصديق لم يقبح: أزيدا ضربت، وأزيد قائم، والذى ذكره الشارح أن لذلك حالتين إن أريد التصور لم يقبح، وإن أريد التصديق قبح لما سيأتى من قبح نظيره فى هل قلت المراد أنك إذا قلت: أزيدا ضربت كان محتملا لأن تريد أضربت أم لم تضرب فيكون طلب تصديق فيقبح، وأن يكون المراد عمرا فيكون طلب تصور فلا يقبح، وهذا الذى ذكره فاسد؛ لأن المصنف والشارح المذكور قالا: إن المستفهم عنه هو ما يلى الهمزة فتعين أن يكون المستفهم عنه هو (زيدا) فيكون تصورا؛ ولذلك جزم المصنف بعدم قبحه؛ لأنه لا يحتمل عنده غير التصور، نعم يمكن أن يقال: (زيدا) هو المستفهم عنه، فتارة يستفهم عنه أهو الذى وقع له التخصيص بالضرب، أو لا وذلك طلب تصور، وتارة يستفهم عن ثبوت تخصيصه بالضرب؛ لأن تقدير: أزيدا ضربت: أما ضربت أحدا إلا زيدا، وأنت لو صرحت بذلك لكنت طالبا للتصديق والمستفهم عنه هو زيد باعتبار تخصيصه فلم يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>