للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيما جزموا به من أن المستفهم عنه ما يليها نص سيبويه فيما نقله شيخنا أبو حيان عنه، قال فى تمثيله: أزيد عندك أم عمرو، وأزيدا لقيت أم بشرا فتقديم الاسم أحسن، ولو قلت:

ألقيت زيدا أم عمرا لكان جائزا حسنا، أو قلت: أعندك زيد أم عمرو كان جائزا حسنا، كما جاز: أزيد عندك أم عمرو، وتقديم الاسمين جميعا مثله وإن كان ضعيفا. انتهى كلام سيبويه. واختاره الشيخ أبو حيان، ثم نقول:" إذا كان مع الهمزة أم وجعلنا المستفهم عنه ما يليها يلزم تقديم الاسمين؛ لأن المستفهم عنه أحدهما، فلا يحصل تقديم المستفهم عنه إلا بتقديمهما، وقد قال سيبويه: إنه ضعيف، ثم إن السكاكى والمصنف جعلا من أمثلة الاستفهام عن التصديق قولك: أزيد منطلق، ولو كان المستفهم عنه، هو زيد لكان ذلك طلبا للتصور لا للتصديق ثم نقول: التصديق ليس له لفظ واحد يلى الهمزة بل معناه دائر بين المبتدأ والخبر، فلا يمكن أن يلى لفظة الهمزة إلا أن يقال: المعتبر فيه هو الفعل، ثم نقول:

يستحيل أن يلى الهمزة المستفهم عنه، بل بعضه. ألا ترى أن المستفهم عنه فى قولك:

أزيدا ضربت أم عمرا المضروب مبهما لا زيد فقط، ثم قوله تعالى: آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ (١) يلزم أن يكون استفهاما عن المسند إليه، وليس كذلك بل عن النسبة بدليل: أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٢) وقول المصنف: (والمسئول عنه بها هو ما يليها) ظاهر، وقوله: بها وذكره لذلك فى هذا المحل وقطعه النظير عن النظير دون ذكره لذلك فى أول الكلام أو آخره - يقتضى أن غيرها من أدوات الاستفهام لا يطلب بها ما يليها، وليس كذلك، بل غيرها يشاركها فى ذلك، وقد ذكره الطيبى فى التبيان.

(تنبيه): قولنا: لا يستفهم عن المسند إليه حتى يتحقق حصول مطلق النسبة، قد يلزم أن تكون النسبة ماضية فلا يصح: أزيد سيقوم أم عمرو، وليس كذلك، بل يستفهم عن الفعل المستقبل وعن فاعله إذا ترجح وقوعه، وهذا مع كونه واضحا صرح به صاحب الأقصى القريب.

(تنبيه): إن قيل: التصديق مسبوق - بالتصور، فإذا حصل التصديق كيف يطلب التصور، وقد قلتم: إنه تارة يسأل عن التصور والتصديق معلوم؟ قلنا: إنما نعنى بالتصديق اعتقاد وجود النسبة فمن قال: أزيد قام أم عمرو مصدق بأن ثم قياما لكنه يجهل فاعله.


(١) سورة يونس: ٥٩.
(٢) سورة يونس: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>