للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فما أنا والسّير فى متلف ... يبرح بالذكر الضابط (١)

ما كنت وقدر فى قولهم: كيف أنت وقصعة من ثريد؟ كيف تكون بالمضارع، قال ابن ولاد وجماعة: إنما قدر كنت مع ما وقدر تكون مع كيف؛ لأن ما أنت والسير استفهام توبيخ، وهو لا يكون إلا على ماض بخلاف كيف أنت وقطعة من ثريد، ونقل ذلك جماعة من النحاة ولم يردوا على القائل: إن استفهام التوبيخ لا يكون إلا على ماض، بل منهم من وافقه، ومنهم من قال: إن سيبويه لم يقصد ذلك فثبت بهذا أن استفهام التوبيخ لا يكون إلا على ماض، ذكروا ذلك فى باب المفعول معه، ثم رأيت القاضى التنوخى قال فى الأقصى القريب: إن الإنكار قد يكون على مستقبل، وجعل منه قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ (٢) وقوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣) قال: أنكر أن حكم الجاهلية مما يبغى لحقارته، وأنكر عليهم سلب العزة عن الله تعالى، وهو منكر فى الماضى والحال والاستقبال، وهو كلام لا ينتهض لدفع ما ذكره الأئمة من أن الآيتين لا دليل فيهما؛ لأن الإنكار فيهما وقع على ماض، وإن كان منكرا، سواء أوقع ماضيا أم مستقبلا، ولا يشهد له قوله تعالى: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ (٤) لأن الاستبدال وهو طلب البدل وقع ماضيا نعم قد يشهد له قوله تعالى: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ (٥) وكذلك قول الشاعر:

أأترك إن قلّت دراهم خالد ... زيارته إنّى إذا للئيم (٦)


(١) البيت من المتقارب: لأسامة بن حبيب الهذلى، فى الدرر (٣/ ١٥٧)، شرح أشعار الهذليين، ولسان العرب (عبر).
(٢) سورة المائدة: ٥٠.
(٣) سورة الزمر: ٣٧.
(٤) سورة البقرة: ٦١.
(٥) سورة غافر: ٢٨.
(٦) البيت من الطويل، وهو لعمارة بن عقيل بن جرير الشاعر، وخالد المذكور هو ابن يزيد بن الشيبانى، يمدحه ويذم تميم بن خزيمة النهشلى بقصيدة منها البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>