قالب الثابت المستقر، بحيث تكون الجملة اسمية، والمبتدأ والخبر فيها اسمان (أدل على كمال العناية بحصوله) من إبقائه على أصله من الإتيان بالفعل، وكذا:
فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أدل على طلب الشكر من: أفأنتم شاكرون؛ لأن ترك الفعل من (هل) أدل على كمال العناية لتحويله عن أصله، بخلاف الهمزة، وقول المصنف: فهل أنتم تشكرون، أخذه من السكاكى، وفيه نظر؛ فإن هذا التركيب لا يصح كما سبق من وجوب تقديم الفعل فيه على الاسم لفظا، إلا إن كان فرعه على القول الضعيف، وقد أورد أن ما ذكره المصنف قد يعكس فيقال: فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أقل دلالة من أفأنتم شاكرون؛ لأن الجملة الاسمية الدالة على الثبوت لا معارض لها مع الهمزة، فلا تنقص قوتها الثابتة، إلا إذا غلب فأما إذا لم يغلب فلا أثر له، وعندى أن السؤال أقوى من الجواب، وجوابه عندى أن (هل) لا دلالة لها على التجدد، بل الفعل هو الدال عليه، فإذا لم يوجد فليس فيها شئ يعارض بالجملة الاسمية، وكونها لها اختصاص بالفعل الدال على التجدد لا يقضى لها بدلالة على التجدد؛ حيث لا فعل.
قوله:(ولهذا) أى: ولكون هل أدعى من الهمزة للفعل (لا يحسن: هل زيد منطلق، إلا من البليغ) لأن البليغ لا يستعمل ذلك إلا حيث كان يستفهم عن استمرار الانطلاق، ويحوله لذلك عن الإتيان بالفعل بخلاف غيره. قلت: والكلام إذا ذكرت قواعده استعمله من له فهم، وهذا لا يختص بهذا المحل، وإنما يصرف البيانى كل كلام إلى قواعده، بناء على أنه إذا على أصل وضعه فى اللغة، وأما من لا يتكلم على الوضع فليس الكلام معه، فهذا فيه نظر إن كان المراد بأنه لا يحسن أنه لا ينبغى أن يقع فيكون فى معنى النهى، وإن كان المراد الإخبار بأن ذلك لا يحسن إلا إذا صدر من البليغ، فإن صدر من غيره لم يحسن، أى: لم يستحسن لعدم العلم بأن كلامه مطابق بقرينة.
(تنبيه): قول المصنف: ولاختصاص التصديق بها هو الصواب، وعبارته فى الإيضاح:
ولاختصاصها بالتصديق، والصواب ما فى التلخيص فإن (هل) لا تختص بالتصديق، ولو اختصت به لما استفهم عن التصديق بالهمزة، بل التصديق مختص بهل بمعنى أن (هل) لا تكون بغيره. أما قول المصنف: وهى تخصص المضارع بالاستقبال فهو مقلوب، فإن الاستقبال قد يكون للفعل الماضى، ثم هذه العبارة لا ينبغى أن يقع المضارع بعدها للحال،