للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلّا: فإن كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية - فالفصل؛ نحو: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ الآية، لم يعطف: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على: قالُوا؛ لئلا يشاركه فى الاختصاص بالظرف؛ لما مرّ.

ــ

(قوله: وإلا) أى: وإن لم يكن للجملة السابقة محل، ولم يقصد ربطها بالثانية على معنى عطف خاص، فإما أن يكون للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية، أو لا، وقد تقدم بيان الحكم ما هو، وليت شعرى هلا فصّل هذا التفصيل فيما إذا كان للأولى محل، ولا شك أنه يجرى فيه قطعا لو قلت: زيد إن قام فأكرمه وهو ابنك، عاطفا على الجواب لم يجز فإن كان (فالفصل) أى: فالفصل واجب (نحو): قوله تعالى: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ (١) لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (٢) على قالُوا إذ لو عطف عليه لثبت له حكمه وحكم قالُوا أنه يختص به الظرف أى: لا يقولون إلا وقت خلوهم فيلزم أن يكون استهزاء الله سبحانه وتعالى بهم كذلك، والواقع أن الله يستهزئ بهم وقت خلوهم وغيره (قوله: لما مر) أى: من كون تقديم الظرف يفيد الاختصاص.

وهنا أسئلة أحدها: أن قوله: لئلا يشاركه فى الاختصاص بالظرف مقلوب صوابه أن يقول: فى اختصاص الظرف به، الثانى: أن قوله: إن جملة اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ لو عطفت على قالُوا لاقتضى اختصاص الاستهزاء بالظرف، قد يقال: لا نسلم؛ لأن تقييد المعطوف عليه بالظرف قد لا يلزم أن يتقيد به المعطوف، وقد أشار ابن الحاجب فى المختصر إلى احتمالين فى قولك: ضربت زيدا يوم الجمعة وعمرا، هل يلزم أن يكون ضرب عمرو أيضا يوم الجمعة أو لا؟ وقد تقدم الكلام على شئ من ذلك، فإذا احتمل ذلك فى المفردات فالجمل أولى بأن لا تتقيد الثانية منها بظرف الأولى؛ لكن قد يجاب عن هذا: بأن التقييد بالظرف هنا ما جاء من كونه ظرفا للمعطوف عليه، بل لكونه شرطا، والمعطوف على الجواب لا بد أن يكون معلقا على الشرط قطعا، والثالث: أنا لا نسلم أنه تقديم معمول يقتضى الاختصاص

بالنسبة إلى قالُوا فإنه جار أن يكون العامل فى إذا هو الفعل الذى يليها كما هو قول مشهور اختاره شيخنا أبو حيان، فلا يكون قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ تقدم له معمول يؤذن باختصاص.


(١) سورة البقرة: ١٤.
(٢) سورة البقرة: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>