للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى؛ نحو [من البسيط]:

فكلّ حتف امرئ يجرى بمقدار ... وقال رائدهم أرسوا نزاولها

ــ

الأول: أن يرجع إلى الإسناد كأن يختلفا خبرا وإنشاء ولفظا ومعنى، والمراد: أن تكون إحداهما خبرية لفظا ومعنى، والأخرى إنشائية لفظا ومعنى، كذا ذكروه وفيه نظر، فإن مدلول هذه العبارة: أن كل واحدة منهما تخالف الأخرى فى اللفظ وفى المعنى معا وذلك بأن تكون الأولى: خبرية اللفظ إنشائية المعنى، والثانية: إنشائية اللفظ خبرية المعنى أو عكسه، وبأن تكون الأولى إنشائية لفظا ومعنى، والأخرى خبرية لفظا ومعنى وعكسه فقد دخل فى كلامه أربع صور فلا معنى لتخصيصه باثنين منها.

واعلم: أن الخبر والإنشاء المتمحضين لا يعطف أحدهما على الآخر فيجب الفصل بلاغة وأما لغة فاختلفوا فيه فالجمهور على أنه لا يجوز واختاره ابن عصفور فى شرح الإيضاح وابن مالك فى باب المفعول معه فى شرح التسهيل، وجوزه الصفار وطائفة ونقل الشيخ أبو حيان عن سيبويه جواز عطف المختلفتين بالاستفهام والخبر مثل: هذا زيد ومن عمرو؟ وقد تكلموا على ذلك فى قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (١) وحاصله أن أهل هذا الفن متفقون على منعه، وظاهر كلام النحاة جوازه، ولا خلاف بين الفريقين؛ لأنه عند من جوزه يجوزه لغة ولا يجوزه بلاغة واختلفوا فى: باسم الله وصلّى الله على محمد فى إثبات الواو وإسقاطها، ثم أنشد المصنف على ذلك قول الشاعر وهو الأخطل كذا ذكر سيبويه وإن كان لا يوجد فى ديوانه:

(وقال رائدهم أرسوا نزاولها) ... فكلّ حتف امرئ يجرى بمقدار (٢)

لأن أرسوا فعل أمر، فهو إنشاء لفظا ومعنى، ونزاولها خبر لفظا ومعنى؛ لأن الغرض تعليل الأمر بالإرساء بالمزاولة إما للحرب على قول ابن الحاجب وهو


(١) سورة الأنعام: ١٢١.
(٢) البيت من البسيط، وهو للأخطل فى خزانة الأدب ٩/ ٨٧، والكتاب ٣/ ٩٦، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٧١ وفى المفتاح ص ٢٦٩، وشرح عقود الجمان ١/ ٢٠٢، والبيت فى المصباح ص ٦٤، بلفظ: فقال قائلهم أرسوا ... وفى عقود الجمان ص ١٧٥، وبلا نسبة فى شرح المفصل ٧/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>