للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك لأن التوابع هى هذه الأربعة، والبدل هو المقصود، فإن المبدل منه فى حكم الطرح، وكذلك النعت والمعطوف بيانا والمؤكد كلها هى عين المتبوع، وإذا كان عينه، والعطف يقتضى التشريك كان العطف منافيا لكل من هذه التوابع فعلم أنه لا يجوز حيث أريد أحدهما.

واعلم: أن المراد ينزل منزلة المتبوع هو معنى النسبة ففى قوله تعالى: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١) الاستهزاء

ينزل منزلة التابع للاستقرا فى معكم، ولما قرر السكاكى أن كل واحد من هذه التوابع الأربعة لا مدخل للعطف فيه ذكر ما قد يتخيل أنه صفة، وإن كان فيه الواو فمنه قوله تعالى: وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٢) فأجاب بأن الواو للحال والجملة حالية ووقعت الحال من النكرة؛ لأنها بعد النفى أولى بذلك من النهى فى قوله

لا يركنن أحد إلى الإحجام ... يوم الوغى متخوّفا لحمام (٣)

وقصد مخالفة الزمخشرى فإنه قال: وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ صفة لقرية، وتوسطت الواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما نقول: جاءنى زيد عليه ثوب وجاءنى وعليه ثوب، وتبعه أبو البقاء وتبعهما المصنف فى الإيضاح قبيل باب الإيجاز عند الكلام على واو الحال، وليس كما قالوه فإن الواو لا تقع بين الصفة والموصوف وإن وقعت بين الصفتين، ولأن إلا لا تفصل بين الموصوف والصفة، وقال ابن مالك: إن ما زعمه منفرد به، وليس كذلك، فقد تابعه عليه صاحب البديع وابن هشام ومما يدل لما قلناه، وأن النفى يسوغ كون صاحب الحال نكرة قول الفارسى: تقول ما مررت بأحد إلا قائما، حال من أحد، ولا يجوز إلا قائم؛ لأن إلا لا تعترض بين الصفة والموصوف، وقال الزمخشرى فى قوله تعالى: إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ (٤): كذلك، وليس


(١) سورة البقرة: ١٤.
(٢) سورة الحجر: ٤.
(٣) البيت من الكامل، وهو لقطرى بن الفجاءة فى ديوانه ص ١٧١، وخزانة الأدب ١٠/ ١٦٣، والدرر ٤/ ٢٥، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٦، وشرح ابن عقيل ص ٣٣٠، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٢٣، والمقاصد النحوية ٣/ ١٥٠، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢/ ٣١٤، وشرح الأشمونى ١/ ٢٤٧، وشرح التصريح ١/ ٣٧٧، وهمع الهوامع ١/ ٢٤٠.
(٤) سورة الشعراء: ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>