للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يحذف صدر الاستئناف؛ نحو: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ (١) وعليه: نعم الرجل زيد على قول (٢).

وقد يحذف كلّه: إمّا مع قيام شئ مقامه؛ نحو قول الحماسىّ: [من الوافر]:

زعمتم أنّ إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف

ــ

فإنه مثال له (قوله: وقد يحذف الاستئناف) أى: تحذف الجملة المستأنفة كلها، أما مع قيام شئ مقامه كقول الحماسى:

زعمتم أنّ إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف (٣)

التقدير: أصدقنا أم كذبنا، فقال تقديرا: كذبتم، ثم استدل عليه بقوله: لهم إلف وليس لكم إلاف، وجملة لهم إلف وليس لكم إلاف تدل على المحذوف، وإذا قلنا:

الزعم هو القول الباطل استغنينا عن تقدير كذبتم بزعمتم فلا يكون من هذا القبيل، وقد تقدم فى حقيقة الزعم قولان، قال فى الكشاف: الزعم ادعاء العلم ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم:

" زعموا مطية الكذب" (٤) وعن شريح: لكل شئ كنية وكنية الكذب زعموا. اه.

لكن سيبويه يكثر فى كتابه من قوله: زعم الخليل لا يريد إبطال قوله وقال أبو طالب:

ودعوتنى وزعمت أنّك صادق ... ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا

وقال تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٥) فانظر إلى أن التقدير: إن كنتم صادقين فى زعمكم ويجوز أن يقدر لهم إلف إلخ.


(١) النور: ٣٦ - ٣٧.
(٢) أى: على قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف أى هو زيد، ويجعل الجملة استئنافا جوابا للسؤال عن تفسير الفاعل المبهم.
(٣) البيت من الوافر، وهو لمساور ابن هند فى لسان العرب ٩/ ١٠ (ألف)، وقد جاءت (قريش) بالنصب على البدلية. وتاج العروس ٢٣/ ٣٨ (ألف)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٤٩، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ١٥/ ٣٧٩، وتاج العروس ٤/ ٤٢٢ (ألت).
(٤) " صحيح" بنحوه أخرجه أحمد وأبو داود وابن المبارك فى" الزهد" والبخارى فى" الأدب المفرد"، والطحاوى فى" مشكل الآثار" عن أبى مسعود الأنصارى - رضى الله عنه - وانظر الصحيحة (ح ٨٦٦).
(٥) سورة الجمعة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>