للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أصحاب الجنة لأنها فى معنى الإنشاء، لأن مجموع هاتين الجملتين تفصيل لما أجمله قوله تعالى: فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (١)، وقوله: فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢)، فعموم هذه الجمل اقتضى تفصيلها، فقيل: عند سوق أهل الجنة إليها، كما ورد أن ذلك يقال عند سوقهم إلى المحشر تنزيلا لما يكون منزلة الكائن أن أصحاب الجنة أى سيروا إليها، والسكاكى قال معنى هذا الكلام، ثم قال: التقدير أن أصحاب الجنة منهم يا أهل المحشر، وفيه نظر؛ لأنه إذا كانت طلبية ومعناها أمر المؤمنين بالذهاب إلى الجنة فليكن الخطاب معهم لا مع أهل المحشر؛ لأن المخاطب فى الخبرية هنا هو المأمور فيها معنى، ولعله لأجل هذا الإشكال قال بعض شراح المفتاح: إن تضمين أن أصحاب الجنة الطلب ليس المراد منه أن الجملة نفسها طلبية بل معناه: أنه تقدر جملة إنشائية بعدها

بخلاف: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (٣)، وما قاله مشكل؛ لأنه إذا أخرج أن أصحاب الجنة عن الإنشاء فكيف يجعلها متضمنة والتقدير عند هذا القائل: سيروا أيها المؤمنون وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٤)، ومن ذلك قوله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا (٥)، قال الزمخشرى: ليس الذى اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهى يعطف عليه إنما المعتمد جملة وصف ثواب المؤمنين فهى معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين كما تقول: زيد يعاقب بالقتل وبشر عمر بالعفو، وجوز الزمخشرى أن يكون معطوفا على فاتقوا، واعترض بأنه يلزم أن يكون مقيدا بالشرط، والتقدير: فإن لم تفعلوا وليس كذلك فإن البشارة على كل تقدير وجوابه أن الواقع أنهم لا يفعلون ثم مهما كان جوابا عن تعليق اتقاء النار على الشرط كان جوابا هنا قال المصنف: وفيه نظر ووجه النظر قيل له: إنه ليس بينهما اتحاد فى المسند إليه وفيه نظر؛ لأن بين المسند إليهما تناسبا كما يقول الوزير للملك: ارسم لهؤلاء بما شئت وامتثلوا أيها الرعية، وإنما استبعد هذا لما فيه من اختلاف المخاطب، وقد مثله الزمخشرى بقولك: يا تميم احذروا عقوبة ما جنيتم وبشر يا فلان بنى أسد بإحسانى إليهم، قلت: بل ما نحن فيه أولى لأنه الآية الكريمة تقدم فيها


(١) سورة يس: ٥٣.
(٢) سورة يس: ٥٤.
(٣) البقرة: ٨٣.
(٤) سورة يس: ٥٩.
(٥) سورة البقرة: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>