اعتبار سلكته وجب ما يقتضيه وقطع الاحتياط المتقدم إن حملناه على جواز الأمرين فلا شك أن الفصل فيه أرجح ومتى ترجح الفصل من حيث المعنى لا ينظر إلى التناسب اللفظى.
(قلت): لا مانع من انقسام الوصل الواجب إلى مستحسن وغيره؛ لأن المعنى بوجوبه امتناع الفصل، فإن كان مع تناسب بحسب الوصل، كان التركيب حسنا وإلا كان التركيب قبيحا، أو يكون المراد إذا أردت أن تصل فعليك بالتناسب ويحتمل أن يريد بالمحسن الموجب؛ لأن واجبات البلاغة يستند أكثرها إلى التحسين فإنه كل ما وجب لغة وجب بلاغة من غير عكس، ويشهد لذلك أن السكاكى قال: إن محسنات الوصل أن يكون الجملتان متناسبتين فى الاسمية أو الفعلية، فإذا كان المراد من الإخبار مجرد نسبة الخبر إلى المخبر عنه، من غير تعرض لقيد زائد لزم أن يراعى ذلك، انظر كيف جعله من المحسنات ثم جعله لازما، وقد ذكر من محسنات الوصل أمرين، أحدهما:
تناسب الجملتين بالاسمية والفعلية، أى: بأن يكونا اسميتين أو فعليتين كذا ذكروه والأحسن أن يقال: أو ذواتا وجهين؛ لأن الجملة التى طرفاها اسمان اسمية، والتى أحد طرفيها فعل إن كانت مصدرة بالفعل سميت فعلية أو باسم سميت ذات وجهين ويطلق عليها أيضا الاسمية كثيرا.
واعلم أولا: أن النحاة اختلفوا فى جواز عطف الجملة الاسمية على الفعلية وعكسه، وعطف الاسم على الفعل وعكسه، على أربعة أقوال، قيل: يمتنع حكاه عبد اللطيف البغدادى فى شرح مقدمة ابن بابشاذ، ويلزم امتناع الرفع على الابتداء فى قام زيد وعمرو ضربته إذا لم تكن الثانية حالا وهو خلاف ما أطلق النحاة عليه، وقيل: إن كان
العطف بالواو جاز، أو غيرها فلا يجوز، قاله ابن جنى فى سر الصناعة ونقله عن الفارسى، وقال: إنه الصواب، وقيل: يجوز مطلقا وهو المشهور الصحيح، ولهذه المسألة فرع سنذكره فى آخر الكلام إن شاء الله تعالى، والرابع: وهو تجويزه فى عطف الاسم على الفعل، وعكسه قاله ابن الشجرى فى أماليه وهو أن الفعل المضارع يعطف على اسم الفاعل وعكسه، لما بينهما من المضارعة التى استحق بها يفعل الإعراب واسم الفاعل الإعمال فتقول: زيد يتحدث وضاحك وضاحك ويتحدث ولا يجوز زيد سيتحدث وضاحك؛ لأن ضاحكا لا يقع موقع يتحدث هنا؛